ضرورة (1): أنه لا يكاد يكون الشيء (2) مع عدم علته- كما هو المفروض هاهنا- فإن (3) الشرط من أجزائها، و انحلال المركب بانحلال بعض أجزائه مما لا يخفى.
و كون (4) الجواز في العنوان بمعنى الإمكان الذاتي (5) بعيد (6) عن محل الخلاف بين الأعلام.
إذا عرفت هذه الأمور فيتضح لك: ما هو محل الكلام في المقام، حيث إن المقصود من الجواز هو: الإمكان الوقوعي، و من الشرط هو: شرط الأمر و الوجوب و خصوص القدرة على الفعل، لأنها من الشرائط العامة للتكاليف الشرعية. ذهب المصنف إلى عدم الجواز يعني:
عدم الإمكان وقوعا؛ لاستلزامه حصول المعلول من دون علته و هو خلف، و ذلك لأن الشرط من أجزاء العلة، فحصول الأمر مع عدم الشرط يكون من وجود المعلول بلا علة، و هو خلاف فرض العلية. و بعبارة أخرى: أن المراد بالأمر هو البعث الفعلي إلى متعلقه، و فعلية البعث متوقفة على علتها التامة التي من أجزائها الشرط، فمع العلم بانتفاء الشرط لا يتحقق إنشاء البعث الفعلي. فالقول بالجواز المستلزم لتحقق المشروط من دون شرطه مساوق لجواز وجود المعلول بلا علة، و هو خلف. هذا خلافا لأكثر العامة؛ فإنهم جوّزوا الأمر مع العلم بانتفاء الشرط. كما أشار إليه بقوله: «خلافا لما نسب إلى أكثر مخالفينا».
(1) تعليل لقوله: «لا يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه».
و ملخص التعليل: أن القول بالجواز مستلزم لما لا يمكن الالتزام من وجود شيء بلا علة، و هو خلف، كما عرفت.
(2) يعني لا يوجد الشيء- أعني: الأمر- مع عدم علته.
(3) تعليل لكون المفروض هنا وجود الشيء بدون علته.
و حاصل التعليل: أن الشرط المنتفي يكون من أجزاء العلة، فيلزم من جواز الأمر بدونه وجود المعلول بلا علة، إذ لا فرق في انتفاء العلة بين انتفائها بانتفاء جميع أجزائها أو بعضها؛ كانتفاء الشرط في محل الكلام.
(4) قوله: «و كون الجواز ...» إلخ دفع لما يقال: من أن الأمر و إن كان لا يوجد مع 7 انتفاء علته التامة إلّا إنه ممكن ذاتا؛ لأن الامتناع الناشئ عن عدم العلة لا ينافي الإمكان الذاتي؛ لما تقرر في محله من عدم التنافي بين الإمكان الذاتي و بين الامتناع بالغير، فحينئذ يصح أن يقال: يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه بمعنى: أنه يمكن في ذاته و إن كان ممتنعا بالنظر إلى انتفاء شرطه.
(5) فمعنى العنوان: هل يمكن ذاتا أمر الآمر بشيء مع علمه بانتفاء شرطه أم لا؟
(6) خبر لقوله: «و كون الجواز ...» إلخ، و دفع «لما يقال ...» إلخ.