كذلك، فإنه و إن لم يكن في مرتبة طلب الأهم اجتماع طلبهما، إلّا إنه كان في مرتبة الأمر بغيره اجتماعهما، بداهة: فعلية الأمر بالأهم في هذه المرتبة، و عدم سقوطه بعد بمجرد المعصية فيما بعد ما لم يعص، أو العزم عليها مع فعلية الأمر بغيره أيضا، لتحقق ما هو شرط فعليته (1) فرضا.
لا يقال: (2) نعم؛ لكنه بسوء اختيار المكلف حيث يعصي فيما بعد بالاختيار،
و توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: إن ملاك الاستحالة هو طلب الضدين في آن واحد؛ بأن يكون طلب كل واحد من الأهم و المهم فعليا في زمان واحد، ثم الأمر بالمهم- و إن كان مشروطا بعصيان الأهم أو العزم عليه- إلّا إن الأمر بالأهم يكون مطلقا و غير مشروط.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول: بفعلية كلا الطلبين بعد تحقق عصيان الأمر بالأهم. أما فعلية طلب المهم: فلأجل حصول شرطه و هو عصيان أمر الأهم، أو البناء و العزم عليه.
و أما فعلية طلب الأهم: فلأن طلبه مطلقا موجود في مرتبة الأمر بالمهم، و لا يسقط الأمر بالأهم بمجرد فرض حصول المعصية فيما بعد، أو فرض تحقق العزم على معصيته فيما قبل أو في الحال ما لم تتحقق المعصية بنفسها في الخارج.
إذ المفروض: أن عصيان أمر الأهم شرط متأخر للأمر بالمهم، و لازم ذلك: وجود الأمر بالأهم في مرتبة الأمر بالمهم قبل تحقق نفس المعصية فيما بعد، فالأمر بالإزالة يقتضي امتثاله و لو آناً ما قبل العصيان، أو قبل العزم أو حينه أو بعده إلى زمن تحقق نفس المعصية، و سقوط الأمر بالأهم بها، فيجتمع الطلبان الفعليان بالضدين في آن واحد و هو محال.
فالمتحصل: أن الترتب ممتنع لاستلزامه المحال و هو طلب الضدين في آن واحد، و هو في الاستحالة كاجتماع الضدين. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح الإشكال الوارد على الترتب.
(1) أي: ما هو شرط فعلية الأمر بالمهم. و المراد بالشرط: هو عصيان الأمر بالأهم، أو العزم عليه.
(2) أي: لا يقال: نعم؛ نسلم ثبوت الأمر بالضدين في مرتبة الأمر بالمهم، و لكنه لا محذور فيه. الغرض من قوله: «لا يقال» هو: تصحيح الترتب بدفع إشكال اجتماع طلب الضدين عنه.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: الفرق بين الامتناع بسوء الاختيار، و بين غيره من الامتناع بالذات؟
و خلاصة الفرق: أن الامتناع بالاختيار لا ينافي التكليف المشروط بالاختيار لما هو