وجه لدعوى العينية، ضرورة: (1) أن اللزوم يقتضي الاثنينية لا الاتحاد و العينية.
نعم؛ لا بأس بها (2)، بأن يكون المراد بها أنه يكون هناك طلب واحد، و هو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود و بعثا إليه؛ كذلك يصح أن ينسب إلى الترك بالعرض و المجاز و يكون زجرا و ردعا عنه، فافهم (3).
انقدح» ردّ للقول بالاقتضاء بنحو العينية، و نسب هذا القول إلى القاضي، و بعض المحققين حيث قالوا: بأن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده العام، فالأمر بالصلاة- مثلا- عين النهي عن تركها، فقولنا: «صلّ» عين قولنا: «لا تترك الصلاة» بتقريب: أن الأمر بالشيء- كالصلاة و النهي عن تركه عنوانان متحدان عينا؛ و إن كانا متغايرين مفهوما، فإن قولنا:
«صلّ و لا تترك الصلاة»، متغايران مفهوما لتغاير الأمر و النهي، فالمراد بالعينية هي: العينية بحسب المصداق لا بحسب المفهوم.
(1) تعليل لوجه الانقداح. توضيح ذلك بعد تمهيد مقدمة و هي: أنه قد عرفت بساطة الوجوب، و أن المنع من الترك من لوازمه.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن اللزوم يقتضي الاثنينية يعني: كون المنع من الترك من لوازم الوجوب يقتضي الاثنينية،- فلا وجه لدعوى العينية- إذ من البديهي: أن اللزوم إضافة متقومة بشيئين: أحدهما: لازم، و الآخر: ملزوم، فيمتنع قيامه بشيء واحد، فلا تصح دعوى العينية المنافية للاثنينية، و المتحصل: أن الأمر و النهي متضادان، فلا يعقل أن يكون أحدهما عين الآخر.
(2) أي: لا بأس بالعينية بالعناية و المجاز، لا حقيقة بأن يقال: إن قولنا: «صلّ»- مثلا- و إن كان طلبا واحدا نحو الفعل حقيقة، إلّا إنه تصح نسبته إلى الترك أيضا بالعناية و المسامحة، يعني: يصح التعبير عن طلب فعل الصلاة، «لا تترك الصلاة مجازا»؛ لأن الطلب تعلق حقيقة بالفعل، فتعلقه بالترك لا بد أن يكون بالعرض و المجاز، و لكن هذا النحو من العينية لا يفيد القائل بها إذ هو قائل بالعينية الحقيقية، أي: يقول: إن مدلول «صلّ» هو: لا تترك الصلاة بعينه، و لا يقول بها من باب المجازية و العناية.
(3) لعله إشارة إلى: أن المراد من العينية هي العينية المصداقية، و لا مانع منها. أو إشارة إلى: أن التوجيه المزبور- و هو نسبة الطلب إلى الفعل حقيقة و إلى الترك مجازا- يوجب الخروج عن موضوع كلامهم؛ حيث إن مورده- على القول بالاقتضاء بأي: نحو من أنحاء الاقتضاء- هو: تعدد الحكم الموجب لتعدد العقاب على تقدير المخالفة، و التوجيه المزبور ينفي التعدد؛ لأن المفروض: وحدة الطلب المنسوب إلى الفعل حقيقة، و إلى الترك مجازا، فلا تعدد في الطلب حقيقة، و إنما الاختلاف في مجرد اللفظ و التسمية.