اجتماعهما في التحقق، و حيث لا منافاة أصلا بين أحد العينين، و ما هو نقيض الآخر و بديله، بل بينهما كمال الملاءمة؛ كان أحد العينين مع نقيض الآخر، و ما هو بديله في مرتبة واحدة؛ من دون أن يكون في البين ما يقتضي تقدم أحدهما على الآخر، كما لا يخفى.
فكما أن قضية المنافاة بين المتناقضين لا تقتضي تقدم ارتفاع أحدهما في ثبوت الآخر؛ كذلك في المتضادين (1)، كيف؟ و لو اقتضى التضاد توقف وجود الشيء على عدم ضده توقف الشيء على عدم مانعة؛ لاقتضى توقف عدم الضد على وجود الشيء توقف عدم الشيء على مانعة، بداهة: ثبوت المانعية في الطرفين، و كون المطاردة من الجانبين، و هو دور واضح.
و ما قيل (2) في التفصي عن هذا الدور: بأن التوقف من طرف الوجود فعلي؛
(1) أي: ليس ارتفاع أحدهما مقدما على الآخر، بل في رتبته، و هذا الوجه الثاني يتوقف على ثبوت أمرين:
الأول: صحة تنظير الضدين بالنقيضين.
الثاني: نفي المقدمية في النقيضين، ثم تشكيل قياس حتى يتم المطلوب؛ فيقال: كما أن النقيضين في مرتبة واحدة، و لا يمكن أن يكون أحدهما مقدما على الآخر حتى يكون مقدمة له؛ كذلك الضدين، فعدم أحد الضدين في مرتبة وجوده، و وجوده في مرتبة الضد الآخر، فعدم أحدهما في مرتبة وجود الآخر فلا يعقل أن يكون مقدمة للآخر، مثلا: ترك الصلاة في مرتبة الصلاة، و الصلاة في مرتبة الإزالة، فلا يكون ترك الصلاة مقدمة لفعل الإزالة؛ و ذلك لانتفاء السبق المعتبر في المقدمية.
[و ما قيل في التقصي عن الدور]
(2) القائل هو المحقق الخوانساري «(رحمه اللّه)»، «قيل في التفصي عن هذا الدور»:
بأن الدور مسلم لو كانت الإزالة موقوفة على عدم الصلاة فعلا، و عدم الصلاة موقوفا على الإزالة فعلا، و لكن ليس الأمر كذلك.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن عدم الشيء لا يستند إلى وجود المانع عن الشيء إلّا في صورة وجود المقتضي و الشرط، و أما وجود الشيء فهو يستند إلى جميع أجزاء علته فعلا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن التوقف في طرف الوجود أي:- وجود أحد الضدين على ترك الآخر- فعلي لما عرفت: من أن وجود الشيء يستند إلى جميع أجزاء علته التامة من المقتضي و الشرط و عدم المانع، فوجود الواجب فعلا- كالإزالة- مترتب