الأول: الاقتضاء (1) في العنوان أعم من أن يكون بنحو العينية، أو الجزئية، أو اللزوم؛ من جهة التلازم (2) بين طلب أحد الضدين و طلب ترك الآخر، أو المقدمية
كما يقال في تحديد المسألة الثانية: إن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده الخاص أم لا؟ فإذا قال المولى: «أزل النجاسة عن المسجد» فهل هو نهي عن كل فعل وجودي يعاندها كالصلاة في المسجد؟ فكأنه قال: أزل النجاسة و لا تصل في المسجد عند الابتلاء بالإزالة، و محل الكلام هو الضد بكلا المعنيين.
و اختلف الأصوليون في: أن الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده أم لا؟ على أقوال. و يقول المصنف: و تحقيق الحال يستدعي رسم أمور.
(1) المراد من الاقتضاء في عنوان المسألة ليس ما هو ظاهره؛ بل الأعم منه و من الاقتضاء بنحو العينية أو الجزئية، و ذلك لوجوه:
الأول: أن إطلاق لفظ الاقتضاء شامل لجميع الأقسام المذكورة.
الثاني: أن الغرض من هذا البحث هو: بيان حال الضد العبادي صحة و فسادا، من غير فرق في ذلك بين أقسام الاقتضاء، و من البديهي: أن عمومية الغرض تقتضي عمومية النزاع في الاقتضاء.
الثالث: أن وجود الأقوال في المسألة يقتضي عموم الاقتضاء ليعم جميع الأقوال؛ فإن منها: قول: بأن الأمر بشيء عين النهي عن ضده. و منها: قول بأن النهي عن الضد جزء من الأمر بشيء، فيكون الاقتضاء على وجه التضمن، كما يظهر من المعالم.
و منها: قول بأن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده، كما هو ظاهر لفظ الاقتضاء، فالتعميم لأجل أن لا يتوهم اختصاص النزاع بالقول الأخير.
(2) هذا إشارة إلى وجه اللزوم: و حاصله- على ما في «منتهى الدراية، ج 2، ص 424»- «أن اللزوم تارة: يكون لأجل التلازم؛ بأن يقال: إن الأمر بأحد الضدين كالصلاة- ملازم للنهي عن ضده، كالإزالة- بناء على إرادة الترك من الضد- فطلب أحد الضدين يلازم طلب ترك الآخر، فالاقتضاء حينئذ يكون لأجل اللزوم الناشئ عن التلازم. و أخرى: يكون لأجل المقدمية، بتقريب: أن ترك أحد الضدين مقدمة لوجود الضد الآخر؛ كتوقف وجود الصلاة على عدم الإزالة، فيكون اقتضاء الأمر بالصلاة للنهي عن ضدها- كالإزالة- بنحو اللزوم المقدمي؛ لأن عدم الإزالة لمّا كان مقدمة للصلاة؛ فالأمر بالصلاة يستلزم عدم الإزالة مقدمة لوجود نفسها، فيصير في الحقيقة