1- لا أصل في المسألة الأصولية: أعني: الملازمة بين وجوب شيء و وجوب مقدمته، و إن كان هناك أصل في المسألة الفقهية أعني: وجوب المقدمة؛ و ذلك فإن الأصل الذي يمكن فرضه في المقام هو الاستصحاب، فإذا شك في وجوب مقدمة بعد وجوب ذيها يجري استصحاب عدم وجوبها؛ لأنه كان متيقنا قبل وجوب ذيها فيجري استصحاب عدم الوجوب عند الشك في الوجوب.
هذا بخلاف الأصل في المسألة الأصولية أعني: الملازمة بين الوجوبين، فلا يجري استصحاب عدم الملازمة و لا استصحاب وجودها؛ لعدم الحالة السابقة المعتبرة في الاستصحاب، إذ ليست لها حالة سابقة، بل إنها إما موجودة من الأول أو منفية كذلك، فليس هناك يقين سابق بحدوث الملازمة و لا بعدمه، كي يجري الاستصحاب. و من البديهي: أن الاستصحاب يتوقف على اليقين السابق، و الشك اللاحق.
نعم؛ هناك توهم عدم جريان الاستصحاب في المسألة الفقهية. بتقريب: أن ما يعتبر في الاستصحاب هو: أن يكون المستصحب إما مجعولا شرعيا كالوجوب و الحرمة و نحوهما، و إما أن يكون موضوعا لحكم شرعي كالعدالة و الاجتهاد و نحوهما، و المستصحب في المقام ليس مجعولا شرعيا، و لا موضوعا يترتب عليه حكم شرعي؛ لأن وجوب المقدمة لازم لماهية وجوب ذيها كزوجية الأربعة، و لازم الماهية ليس من الأمور المجعولة أصلا، فلا يجري الاستصحاب لانتفاء ما يعتبر فيه.
و حاصل ما أفاده المصنف في دفع هذا التوهم هو: أن وجوب المقدمة على الملازمة و إن لم يكن مجعولا للشارع مستقلا، إلّا إنه مجعول شرعا بتبع جعل وجوب ذي المقدمة. و هذا المقدار من المجعولية الشرعية يكفي في جريان الاستصحاب فيه.
و هناك إشكال آخر على استصحاب عدم وجوب المقدمة و هو: استحالة تفكيك المتلازمين؛ إذ على فرض الملازمة بين الوجوبين: يلزم تفكيك المتلازمين باستصحاب عدم وجوب المقدمة مع وجوب ذيها، و المفروض: تلازمهما.
و ملخص الجواب عن هذا الإشكال: أن نفي وجوب المقدمة بالأصل ظاهرا لا ينافي الملازمة بين الوجوبين الواقعيين. هذا تمام الكلام في الأصل.