صورة الانحصار به، و فيها إما لا وجوب للمقدمة، لعدم وجوب ذي المقدمة، لأجل المزاحمة، و إما لا حرمة لها لذلك، كما يخفى.
«لا يكاد يلزم الاجتماع أصلا». و حاصل هذا الوجه: إنه لا يلزم اجتماع الوجوب و الحرمة في المقدمة المحرمة حتى على القول بوجوب المقدمة.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة و هي: أن مقدمة الواجب تارة: تكون منحصرة في الفرد المحرم كانحصار المركوب لقطع طريق الحج في الدابة المغصوبة مثلا، فلا محالة تقع المزاحمة حينئذ بين وجوب ذي المقدمة كالحج في المثال، و بين حرمة مقدمته كالركوب.
و أخرى: لا تكون منحصرة في الفرد المحرم، كما إذا كان في المثال دابتان محرمة و مباحة.
فإذا عرفت هذه المقدمة فنقول: على فرض الانحصار، و فرض أهمية وجوب الحج من حرمة مقدمته لا تتصف المقدمة إلّا بالوجوب، فلا حرمة لها حتى تتصف بالوجوب و الحرمة معا، و على تقدير أهمية حرمة المقدمة من وجوب الحج لا تتصف المقدمة إلّا بالحرمة.
فعلى التقديرين: لا يجتمع الوجوب و الحرمة في المقدمة حتى تندرج في مسألة اجتماع الأمر و النهي. و على فرض عدم الانحصار: فلا تتصف المقدمة المحرمة بالوجوب؛ لأن حرمتها تمنع عن سراية الوجوب الغيري إليها، حيث إن المانع الشرعي كالعقلي. و إنما يسري الوجوب الغيري إلى الدابة المباحة، فتكون هي المقدمة الواجبة دون المحرمة.
فالحاصل: أن المقدمة في كلتا الصورتين لا تتصف بالوجوب و الحرمة معا؛ حتى تعد من صغريات مسألة الاجتماع.
قوله: «و فيها» أي: في صورة الانحصار «إما لا وجوب للمقدمة» لأهمية حرمتها من وجوب ذيها، فتكون المقدمة محرمة لا غير. و إما لا حرمة للمقدمة، لأهمية وجوب ذيها الموجبة لارتفاع الحرمة عنها، فالمقدمة حينئذ واجبة فقط. فعلى التقديرين: لا يجتمع الوجوب و الحرمة في المقدمة، حتى تندرج في مسألة اجتماع الأمر و النهي. فمرجع الوجهين: إلى منع الصغرى؛ بمعنى: إن المقدمة لا تندرج في مسألة الاجتماع.
قوله: «و إما لا حرمة لها لذلك» أي: لأجل المزاحمة، فإن حرمة المقدمة ترتفع لأهمية وجوب ذيها منها.