بداعي امتثالها؛ لا على نفس الإتيان، كي ينافي عباديتها، فيكون من قبيل الداعي إلى الداعي، غاية الأمر: يعتبر فيها- كغيرها- أن يكون فيها منفعة عائدة إلى المستأجر؛ كي لا تكون المعاملة سفهية، و أخذ الأجرة عليها أكلا بالباطل.
و ربما يجعل من الثمرة (1)، اجتماع الوجوب و الحرمة- إذا قيل بالملازمة- فيما
القربة إنما يصح فيما إذا كان بذل الأجرة بإزاء نفس الواجب، حيث يكون الداعي إلى العبادة حينئذ هو الأجرة لا القربة.
و أما إذا كان بذل الأجرة لإحداث الداعي؛ بأن يكون أخذ الأجرة داعيا إلى الإتيان بالعبادة بداعي أمرها، فلا ينافي عباديتها، هذا ما أشار إليه بقوله: «فيكون من قبيل الداعي إلى الداعي». هذا تمام الكلام في دفع الوجه الأول من الإشكال.
أما دفع الوجه الثاني: فتوضيحه يتوقف على مقدمة و هي: تارة: يأخذ المكلف الأجرة لإتيان فرائضه اليومية. و أخرى: يأخذها لأداء ما فات عن الميت من الفرائض.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن ما ذكر من أن أخذ الأجرة بإزاء الواجبات العبادية يكون أكلا للمال بالباطل إنما يصح فيما إذا كان أخذ الأجرة لإتيان فرائضه اليومية، إذ حينئذ لا يعود نفع إلى الباذل للأجرة. و أما إذا كان أخذ الأجرة لأداء ما فات عن الميت من الفرائض فلا بأس بأخذ الأجرة، إذ لا يلزم منه هذان الإشكالان.
و أما عدم لزوم الإشكال الأول، فلما عرفت من: عدم كون الأجرة بإزاء نفس العمل حتى تنافي قصد القربة، و إنما هي لإحداث الداعي إلى إيجاد العمل بداعي أمره، و أمّا عدم لزوم الإشكال الثاني: فلفراغ ذمّة الميّت بفعل الأجير، فشرط صحة الإجارة و هو عود نفع إلى المستأجر و باذل الأجرة موجود هنا.
[جواب المصنف عن الإشكال المذكور]
(1) أي: نسبت إلى الوحيد البهبهاني ثمرة رابعة و هي: اندراج مقدمة الواجب- على القول بوجوبها- في صغريات مسألة اجتماع الأمر و النهي في واحد ذي جهتين، إذا كانت المقدمة محرمة، كالوضوء بالماء المغصوب مثلا، فإن قلنا: بجواز اجتماعهما اتصف الوضوء بالوجوب، كما هو يتصف بالحرمة.
و أما على القول بامتناع الاجتماع: فالوضوء إما واجب ترجيحا لمصلحة الوجوب على مفسدة الحرمة، و إما حرام ترجيحا لمفسدة الحرمة على مصلحة الوجوب على اختلاف بين الأعلام، و أما على القول بعدم وجوب المقدمة شرعا فهو حرام فقط، و لا ربط له بمسألة اجتماع الأمر و النهي أعني: ليست مسألة مقدمة الواجب من صغريات تلك المسألة.