فالعقلية هي: ما استحيل واقعا وجود ذي المقدمة بدونه.
و الشرعية على ما قيل: ما استحيل وجوده بدونه شرعا، و لكنه لا يخفى: رجوع الشرعية إلى العقلية، ضرورة: إنه لا يكاد يكون مستحيلا شرعا إلّا إذا أخذ فيه شرطا و قيدا، و استحالة المشروط و المقيد بدون شرطه و قيده يكون عقليا.
و أما العادية: فإن كانت بمعنى أن يكون التوقف عليها بحسب العادة؛ بحيث
المعلول. و المراد بالنسبة إلى الإرادة حيث يستحيل وجود المعلول، و المراد بدون وجود العلة و الإرادة.
و الشرعية: ما توقف وجود الشيء عليها شرعا؛ كالطهارة بالنسبة إلى الصلاة، و الفرق بين هاتين المقدمتين: أن المقدمة العقلية يستحيل وجود ذيها بدونها تكوينا.
و المقدمة الشرعية يستحيل وجود ذيها جعلا و هو ما جعله الشارع شرطا للواجب.
و العادية: ما توقف وجود الشيء عليها عادة كنصب السلم بالنسبة إلى الصعود على السطح، بحيث يمكن تحقق ذي المقدمة بدونها كالسحب بالحبل مثلا، إلّا إن العادة جرت على الصعود بواسطة السلم، و حاصل ما أفاده المصنف بعد التقسيم و التعريف هو:
رجوع الكل إلى العقلية.
و أما الشرعية: فلأن توقف وجود الشيء عليها شرعا لا يكون إلّا بأخذها شرطا في المأمور به الواجب، و من البديهي: أن استحالة المشروط بدون شرطه عقلية. هذا معنى رجوع المقدمة الشرعية إلى العقلية.
و بعبارة أخرى: توقف وجود الواجب- بما أنه واجب- على وجود الشرط مما يحكم به العقل بعد أخذه شرطا.
و أما العادية فرجوعها: إلى العقلية؛ بمعنى دون معنى آخر.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة هي: أن المقدمة العادية تارة: تكون بمعنى: كون التوقف عليها بحسب الاعتياد مع إمكان وجود ذيها بدونها؛ نظير لبس الحذاء أو الرداء عند الخروج إلى الحوزة العلمية لحضور الدرس.
و أخرى: تكون بمعنى: أن التوقف عليها فعلا واقعي؛ لكنه باعتبار عدم إمكان غيره عادة لا عقلا؛ كتوقف الصعود على السطح على نصب السلم.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن المقدمة العادية بالمعنى الأول خارجة عن المقسم؛ بمعنى: إنها لا تكون مقدمة حقيقة، و بالمعنى الثاني؛ و إن كانت داخلة في المقسم إلّا إنها ترجع إلى العقلية، و الدليل عليه: هو ضرورة: استحالة الصعود على السطح بدون مثل نصب السلم عقلا لغير الطائر فعلا، و إن كان الطيران على السطح ممكنا ذاتا.