1- كان الأولى أن يتعرض المصنف لهذا التقسيم في الأمر الثالث المنعقد لتقسيمات الواجب؛ لا في الأمر الرابع المنعقد لبيان ما في وجوب المقدمة من الأقوال.
و كيف كان؛ فالمحتمل فيما هو المراد من الأصلي و التبعي هو احتمالان:
الأول: أن يراد بهما ما هو الأصلي و التبعي في مقام الإثبات، كما هو مذهب صاحبي القوانين و الفصول.
الثاني: أن يراد بهما ما هو الأصلي و التبعي في مقام الثبوت، كما هو مختار المصنف تبعا للشيخ الأنصاري.
ثم هذا الاحتمال الثاني على قسمين:
الأول: أن يراد بالواجب الأصلي: ما يكون مرادا بإرادة مستقلة، و أن يراد بالتبعي: ما يكون مرادا بإرادة تابعة لإرادة أخرى.
الثاني: أن يراد بالأصلي: ما لوحظ تفصيلا، و بالتبعي: ما لوحظ إجمالا.
2- أن ظاهر المصنف «(قدس سره)» كون هذا التقسيم بلحاظ الأصالة و التبعية في مقام الثبوت، ثم إن كلا من الواجب النفسي و الغيري يتصف بالأصلي بحسب مقام الثبوت إذا كان المراد بهما القسم الأول، و هو كون الأصلي مرادا بإرادة مستقلة. و التبعي مرادا بإرادة تابعة لإرادة أخرى.
و لكن الواجب الأصلي لا يتصف بالتبعي؛ إذ ليست إرادة الواجب النفسي تابعة لإرادة غيره. أما لو كان المراد بالأصلي و التبعي ما هو الأصلي و التبعي؛ بحسب مقام الإثبات و الدلالة لا تصف الواجب النفسي بالتبعي أيضا، كالواجب الغيري، إذ قد لا يكون الواجب النفسي مقصودا بالإفادة مستقلا؛ بل أفيد بتبع غيره.
3- أن مقتضى الأصل كون الواجب تبعيا عند الشك في واجب أنه أصلي أو تبعي؛ لأن التبعي مركب من جزء وجودي محرز بالوجدان و هو: الوجوب، و من جزء عدمي و هو: عدم تعلق إرادة مستقلة به يحرز بالأصل أعني: أصالة عدم تعلق إرادة مستقلة.
نعم؛ لو كان التبعي أمرا وجوديا- بأن يكون نحوا من الإرادة أعني: الإرادة التابعة لإرادة أخرى- لا يثبت بأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به؛ إلّا على القول بالأصل المثبت «فافهم»، لعله إشارة إلى: عدم جريان الأصل العملي في المقام أصلا؛ لعدم ترتب أثر