واجب أنه أصلي أو تبعي، فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به يثبت أنه تبعي، و يترتب عليه آثاره إذا فرض له أثر شرعي (في نسخة: آثار شرعية)، كسائر الموضوعات المتقومة بأمور عدمية (1).
نعم (2)؛ لو كان التبعي أمرا وجوديا خاصا غير متقوم بعدمي (3)- و إن كان يلزمه (4) لما (5) كان يثبت بها إلّا على القول بالأصل المثبت كما هو واضح، فافهم (6).
و الآخر عدميا يمكن إحراز الجزء العدمي بالأصل، إذا كان الجزء الوجودي محرزا بالوجدان.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أنه لما كان الواجب التبعي بالمعنى الأول مركبا من جزءين: أحدهما: وجوبه المحرز وجدانا، و الآخر: عدم تعلق إرادة مستقلة به أمكن إجراء أصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به؛ فيحصل المركب من الجزء الوجودي و العدمي، و يثبت الواجب التبعي. هذا نظير موضوع الضمان المركب من الاستيلاء على مال الغير و عدم رضاء المالك به في كون الأول محرزا وجدانا، و الآخر: تعبدا بالأصل أعني: استصحاب عدم رضاء المالك، فأصل الوجوب في المقام ثابت بالوجدان، و تبعيته ثابت بالأصل.
(1) أي: كموضوع الضمان على ما عرفت، و كانفعال الماء القليل- بناء على كون القلة أمرا عدميا- فإن موضوع انفعال الماء القليل، و هو مركب من جزءين: أحدهما: و هو الماء محرز بالوجدان، و الآخر: أعني: القلة محرز بالأصل، فإن الأصل عدم الكثرة.
(2) استدراك على قوله: «فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به يثبت أنه تبعي».
و حاصل الاستدراك: أن ما ذكر من: أن مقتضى الأصل هو: كون الواجب تبعيا إنما يتم إذا كان التبعي متقوما من أمر عدمي. و أما إذا كان التبعي نحوا من الإرادة- أعني:
الإرادة التابعة لإرادة أخرى، مقابلا للأصلي بمعنى: ما يكون مرادا بإرادة غير تابعة لإرادة أخرى- «لما كان يثبت بها» أي: بأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة إلّا على القول بالأصل المثبت؛ إذ حينئذ يكون تعلق إرادة غير مستقلة به من لوازم عدم تعلق إرادة مستقلة عقلا.
(3) و هو: عدم تعلق إرادة مستقلة به.
(4) أي: يلزم الأمر العدمي؛ أعني: عدم تعلق إرادة مستقلة به.
(5) جواب- لو- في قوله: «لو كان التبعي ...» إلخ.
(6) لعله إشارة إلى عدم ثبوت التبعي بالأصل و لو على القول بالأصل المثبت؛ لأن العدم ملازم للتبعي، فهما متلازمان، و القائل بالأصل المثبت لا يقول إلّا بترتب أثر اللازم، لا أثر الملازم، أو إشارة إلى: عدم جريان الأصل العملي في هذا المقام أصلا؛ لعدم ترتب أثر شرعي عليه، لأن الأثر مترتب على أصل الوجوب، من دون دخل للأصلية و التبعية فيه، و المفروض: هو العلم بأصل الوجوب.