نعم؛ (1) لو كان الاتصاف بهما بلحاظ الدلالة اتصف النفسي بهما أيضا، ضرورة: أنه قد يكون غير مقصود بالإفادة؛ بل أفيد بتبع غيره المقصود بها (2).
لكن الظاهر- كما مر (3)- أن الاتصاف بهما (4) إنما هو في نفسه لا بلحاظ حال
و حاصل الكلام: أن الواجب النفسي لا يتصف بالتبعية؛ لأنه مع الالتفات إليه، و كونه ذا مصلحة نفسية يتعلق به الطلب مستقلا لا تبعا لغيره، و مع عدم الالتفات إليه لا يتصف بشيء منهما أصلا.
(1) استدراك على ما أفاده من: عدم اتصاف الواجب النفسي بالتبعية، و حاصله: أن عدم اتصاف الواجب بالتبعية إنما هو بناء على كون الأصالة و التبعية بلحاظ الإرادة التي هي مقام الثبوت.
و أما بناء على كونهما بلحاظ مقام الإثبات و الدلالة: فلا إشكال في اتصاف الواجب النفسي بالأصالة و التبعية كالواجب الغيري؛ لأن الواجب النفسي في مقام الإثبات و الدلالة يمكن أن يكون مقصودا بالإفادة، و يمكن أن لا يكون مقصودا بها؛ بل يفاد بتبع شيء آخر، فالمقصود بالإفادة هو: ذلك الشيء، و يفاد الواجب النفسي تبعا له، نظير ما دل على شرطية تقدّم الظهر لصحة العصر؛ فإن المقصود بالإفادة منه هو شرطية تقدمها لا كونها واجبا نفسيا.
(2) أي: بالإفادة.
(3) أي: مر في أول البحث حيث قال: «و الظاهر: أن يكون هذا التقسيم بلحاظ الأصالة و التبعية في الواقع و مقام الثبوت».
(4) يعني: بالأصالة و التبعية «إنما هو في نفسه» يعني: أن الواجب في نفسه إما أصلي و إما تبعي؛ سواء دل دليل لفظي عليه أم لا. فالظاهر: أن الواجب في نفسه يتصف بالأصالة و التبعية.
وجه الظهور: أن كون الوصف بحال الموصوف أولى من أن يكون بلحاظ حال المتعلق، أعني: دلالة الدليل. و من المعلوم: أن جعل الأصالة و التبعية بحسب مقام الثبوت يوجب كون الوصف- و هو الأصلي و التبعي- بحال الموصوف. أعني: نفس الوجوب؛ كقولنا: الوجوب الأصلي و الوجوب التبعي، هذا بخلاف لحاظهما بحسب مقام الإثبات، فإن الوصف يكون بحال المتعلق- و هو الدليل- كقولنا: الوجوب الأصلي ما تكون دلالة دليله عليه أصالة، و التبعي ما تكون دلالة دليله عليه تبعا، فالأصالة و التبعية في الحقيقة وصفان لدلالة دليل الوجوب لا للوجوب نفسه. هذا ما أشار إليه بقوله: «إن