عدم التخلف هاهنا، و أن الغاية إنما هو حصول ما لولاه لما تمكن من التوصل إلى المطلوب النفسي، فافهم (1) و اغتنم.
جعله قيدا لمتعلق الوجوب و معروضه، و قال: إن المقدمة الواجبة هي المقيدة بالإيصال؛ نظير قيدية الإيمان للرقبة في قوله: «أعتق رقبة مؤمنة»، فيكون التوصل من الجهات التقييدية.
و بعبارة أخرى: قال صاحب الفصول: إن التوصل غاية وجوب المقدمة، فإن لم تحصل هذه الغاية لا تكون المقدمة واجبة، و زعم: أن الغاية قيد وجوب المقدمة.
و قبل المناقشة في هذا الخلط نذكر الفرق بين الجهة التعليلية، و الجهة التقييدية، فنقول:
إن الفرق بينهما أولا: أن الأولى: من مبادئ نفس الحكم و علله. و الثانية: من قيود متعلق الحكم و معروضه.
و ثانيا: أن الجهة التعليلية لو ذهبت أمكن بقاء الحكم المعلل؛ لإمكان مدخلية العلية حدوثا لا بقاء؛ كنجاسة الماء المتغير، فإن النجاسة مستندة إلى التغيّر، و مع ذلك لو ذهب التغير بقيت النجاسة، هذا بخلاف الجهة التقييدية حيث ينتفي بانتفائها متعلق الحكم، و ينتفي الحكم بانتفاء متعلقه، أما انتفاء متعلق الحكم فلأجل انتفاء المقيد بانتفاء القيد.
و ثالثا: أنه يجري الاستصحاب في مورد الجهة التعليلية عند انتفائها لو شك في بقاء الحكم، و لا يجري في مورد الجهة التقييدية عند انتفائها؛ لتبدل الموضوع.
و حاصل الكلام في المقام: أن ما ذكره صاحب الفصول من اختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة إنما يتم أولا: فيما إذا كان التوصل بالمقدمة إلى ذيها قيدا لمتعلق الحكم، و ليس كذلك. و إنما يصح ثانيا: فيما إذا كان التوصل غاية لوجوب المقدمة، فإذا لم تحصل هذه الغاية لا تكون المقدمة واجبة، و ليس كذلك؛ لما عرفت: من أن الغاية هي التمكن لا التوصل، و التمكن لا يتخلف في جميع المقدمات. هذا ما أشار إليه «من عدم التخلف هاهنا» أي: في المقدمة غير الموصلة؛ لأن الغاية الموجبة لوجوب المقدمة هو التمكن و الاقتدار على إتيان الواجب.
(1) لعله إشارة إلى دقة المطلب، و قوله: «و اغتنم» إشارة إلى أنه لم يسبقه في التحقيق أحد من الأصوليين.
و المتحصل من جميع ما ذكر: أن للفصول كلامين: الأول: أن الغاية لوجوب المقدمة هي التوصل.
الثاني: أن التوصل غير حاصل فيما إذا لم يأت المكلف بذي المقدمة، فلا تكون المقدمة حينئذ واجبة.