و أما إذا قصده و لكنه لم يأت بها بهذا الداعي؛ بل بداع آخر أكده بقصد التوصل، فلا يكون متجرئا أصلا.
و بالجملة: يكون التوصل بها (1) إلى ذي المقدمة من الفوائد المترتبة على المقدمة
الأول: أن لا يكون المكلف الداخل في أرض الغير- بدون إذنه- ملتفتا إلى توقف الواجب الفعلي على الدخول.
الثاني: أن يكون ملتفتا إلى ذلك، و عليه: تارة: يقصد التوصل به مع انحصار الداعي فيه و هو إنقاذ الغريق. و أخرى: مع تعدد الداعي؛ بأن يكون الداعي هو السرقة أو السياحة في البستان، مع قصد التوصل بالدخول إلى إنقاذ الغريق؛ بأن يكون الثاني مؤكدا للأول. و ثالثة: بأن لا يقصد التوصل أصلا.
و أما الأقوال فهي ثلاثة:
الأول: هو وجوب الدخول واقعا على جميع الاحتمالات؛ لكونه مقدمة للواجب، غاية الأمر: يكون المكلف متجرئا ظاهرا حسب الاحتمال الأول؛ لأنه دخل في الأرض المغصوبة باعتقاد الحرمة، فأتى بما هو واجب واقعا باعتقاد حرمته؛ إذ المفروض: عدم التفاته إلى توقف الواجب عليه. هذا هو المشهور، و مختار المصنف «(قدس سره)».
الثاني: هو مذهب الشيخ الأنصاري حيث يقول باعتبار قصد التوصل بالمقدمة إلى ذيها في وقوعها على صفة الوجوب، فإن اعتبر استقلال قصد التوصل بها إلى ذيها كان الدخول حراما و معصية حسب الاحتمال الأول و الثالث و الرابع؛ لانتفاء قصد التوصل في الأول و الرابع، و انتفاء استقلاله في الثالث. و واجبا حسب الاحتمال الثاني. و أما لو لم يعتبر في وجوب المقدمة استقلال قصد التوصل لكان الدخول واجبا في الصورة الثانية و الثالثة، و حراما في الصورة الأولى و الرابعة.
الثالث: هو مذهب صاحب الفصول حيث يقول بوجوب المقدمة الموصلة، فاعتبر الإيصال في وجوبها، فلا يكون الدخول واجبا إلّا فيما أنقذ الغريق، و كان حراما فيما لم يترتب عليه الواجب و هو انقاذ الغريق في المثال المذكور. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توضيح كلام المصنف فتدبر.
(1) أي: يكون التوصل بالمقدمة إلى ذيها من الفوائد المترتبة على المقدمة الواجبة.
و حاصل الكلام في المقام: أن التوصل بسبب المقدمة إلى ذي المقدمة- بناء على وجوب المقدمة مطلقا كما هو المشهور و مختار المصنف- يكون من الفوائد المترتبة على المقدمة الواجبة؛ لا أن قصد التوصل قيد للمقدمة كقيدية الطهارة مثلا للصلاة، حتى يكون اتصاف المقدمة بالوجوب منوطا بقصد التوصل «لثبوت ملاك الوجوب» و هو