و أنت خبير (1): بأن نهوضها على التبعية واضح لا يكاد يخفى، و إن كان نهوضها (2) على أصل الملازمة لم يكن بهذه المثابة، كما لا يخفى.
صاحب المعالم في ردّ هذه الحجة في بحث الضد «إن هذه الحجة- على تقدير تسليمها- يكون دليلا على وجوب المقدمة في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها، كما لا يخفى على من أعطاها حق النظر» [1].
و هذا الكلام من صاحب المعالم ظاهر في اشتراط وجوب المقدمة بإرادة ذيها؛ بمعنى:
أنه لو لم يرد المكلف فعل ذي المقدمة لم تجب المقدمة، بل كان إيجابها لغوا، لأن إيجابها إنما هو للتوصل، و مع الصارف لا توصل قطعا.
و كيف كان؛ فوجوب المقدمة مشروط بالإرادة و إن كان وجوب ذيها مطلقا، فلا تبعية بين وجوبها و وجوب ذيها، فيكون هذا على خلاف ما ذهب المصنف إليه من التبعية.
(1) هذا من المصنف ردّ على صاحب المعالم و حاصل الردّ: أن دلالة تلك الحجة على وجوب المقدمة و الملازمة و إن لم تكن واضحة إلّا إن دلالتها على التبعية واضحة؛ لأن الملاك و العلة التامة في وجوب المقدمة هو توقف ذيها عليها؛ بحيث يمتنع وجوده بدون المقدمة، و هذا الملاك مستمر سواء أراد الإتيان بالواجب أم لا، فلا بد حينئذ من وحدة وجوبي المقدمة و ذيها من حيث الإطلاق و الاشتراط.
(2) أي: و إن كان نهوض الحجة على أصل الملازمة بين وجوب المقدمة، و وجوب ذيها لم يكن بهذه المثابة من الوضوح.
و كيف كان؛ فنهوض الحجة على التبعية في الإطلاق و الاشتراط أوضح من نهوضها على أصل الملازمة، فما هو ظاهر كلام صاحب المعالم من: أن وجوب المقدمة مشروط بإرادة ذيها و ليس تابعا لوجوب ذيها في الإطلاق و الاشتراط في غير محله؛ لأن ملاك حكم العقل بوجوب المقدمة، هو كون الشيء مقدمة، و لا تكون إرادة ذي المقدمة سببا لحكم العقل بوجوب المقدمة، و لا قصد التوصل علة لوجوبها عند العقل، و لا ترتب ذي المقدمة عليها سببا لحكم العقل بوجوبها؛ بل حكم العقل بوجوب المقدمة إنما يكون لأجل عنوان المقدمية و لأجل التوقف. هذا تمام الكلام في قول صاحب المعالم.