فلا يصح التفصي بالوجه المذكور. هذا تمام الكلام في الجواب عن التفصي بالوجه الأول.
أما الوجه الثاني: من التفصي فحاصله: إن عبادية الطهارات الثلاث ليست للأوامر الغيرية حتى يرد عليها: بأن الأمر الغيري لا يصلح للعبادية؛ بل للأمر النفسي المتعلق بغاياتها كالصلاة و الطواف؛ لأن الغرض من هذه الغايات موقوفا على الإتيان بمقدماتها كنفسها على وجه قربي، فالمصحح لعبادية الطهارات هو: الأمر المتعلق بغاياتها من المشروطات بالطهارة لا لأجل الأمر الغيري.
و حاصل الجواب عن هذا التفصّي: أنه غير واف بدفع إشكال ترتب الثواب عليها إذ لا يترتب الثواب على الأمر الغيري.
و أما ما قيل من تصحيح عبادية الطهارات الثلاث بالتزام أمرين: بأن يقال: إن الأمر الأول توجه إليها ابتداء و هو المترشح من الأمر بالصلاة، ثم توجه إليها أمر آخر بأن يؤتى بها بقصد امتثال أمرها الأول فلا يكاد يجدي.
و حاصل الجواب: أن تعدد الأمر- على فرض تماميته في تصحيح قصد القربة في العبادات- لا يتم في تصحيح قصد القربة في الطهارات الثلاث؛ إذا المفروض: أن المقدمة هي الطهارات مع قصد أمرها، فحينئذ لا يمكن أن يترشح عليها أمر غيري من الأمر بغاياتها؛ لاستلزامه تحصيل الحاصل و هو محال. هذا مع إن تعدد الأمر مقطوع الانتفاء و ليس لنا دليل على ذلك.
5- «التذنيب الثاني»: في اعتبار قصد التوصل في الطهارات الثلاث، غرض المصنف من عقد هذا التذنيب هو: تضعيف الدليل على اعتباره، و خلاصة الدليل على اعتبار قصد التوصل: أن الامتثال مما يتوقف على قصد عنوان الواجب، و قصد عنوان الواجب هنا هو قصد عنوان المقدمية، و هو لا يتحقق بدون قصد التوصل بها إلى ذيها.
وجه التضعيف: أنه يكفي الإتيان بها بداعي حسنها الذاتي و أمرها الاستحبابي النفسي، فلا يعتبر فيها قصد التوصل و قصد المقدمية.
6- نظريات المصنف «(قدس سره)»:
1- الواجب الغيري: ما يكون وجوبه لمحض كونه مقدمة لواجب نفسي، بخلاف الواجب النفسي حيث يمكن فيه اجتماع كلا الملاكين كما عرفت.
2- أن مقتضى الأصل اللفظي عند الشك في النفسية و الغيرية هو: الرجوع إلى