1- تقسيم الواجب إلى النفسي و الغيري باعتبار الدواعي بمعنى: أنه إذا كان الداعي لطلب شيء هو التوصل إلى واجب آخر؛ كان ذلك الشيء واجبا غيريا. و إذا لم يكن الداعي التوصل إلى واجب آخر كان ذلك الشيء واجبا نفسيا.
فالواجب الغيري: ما أمر به لغيره؛ و الواجب النفسي: ما أمره لنفسه. و قد أورد على تعريف الواجب النفسي بما حاصله: أن لازم التعريف المذكور: أن يكون جميع الواجبات الشرعية- ما عدا المعرفة بالله تعالى- من الواجبات الغيرية؛ لأنها مطلوبات لأجل الخواص و الغايات على ما هو الحق عند العدلية؛ من أن الأحكام الشرعية تابعة للمصالح و المفاسد، فتعريف الواجب النفسي لا يكون جامعا، كما أن تعريف الواجب الغيري لا يكون مانعا.
و قد أجاب المصنف عن هذا الإيراد بما حاصله: أن الفوائد المترتبة على الواجب- و إن كانت محبوبة- إلّا إنها خارجة عن الاختيار، فلا تكون واجبة حتى يقال بكون الواجبات التي تترتب عليها هذه الفوائد واجبات غيرية. هذا ما أشار إليه بقوله: «فإن قلت: نعم ...» إلخ، ثم ردّ المصنف هذا الجواب بما حاصله: أن تلك الفوائد و إن كانت خارجة عن القدرة بلا واسطة؛ إلّا إنها مقدورة مع الواسطة، و المقدور مع الواسطة مقدور، و إلّا لما صح وقوع التطهير و التمليك و التزويج و الطلاق و العتاق في الشريعة.
فالأولى في الجواب عن أصل الإشكال أن يقال: إن فعل الواجب و إن كان مما يترتب الأثر عليه- إلّا إنه في نفسه حسن يمدح فاعله و يذم تاركه عقلا، فهو متعلق للإيجاب بما هو كذلك، و لا ينافيه كونه مقدمة لأمر مطلوب واقعا، فلا يتوجه عليه الإشكال إذ فيه كلا الملاكين؛ ملاك الوجوب النفسي، و ملاك الوجوب الغيري.
2- إن مقتضى إطلاق الهيئة- عند الشك في كون شيء واجبا نفسيا أو غيريا- هو:
كونه واجبا نفسيا؛ لأن الغيرية قيد زائد على نفس الطلب، فيحتاج إلى مئونة زائدة، فعند الشك فيها يرجع إلى الإطلاق الناشئ من مقدمات الحكمة، هذا بخلاف النفسية فإنها ليست زائدة على نفس الطلب حتى تنفى بالإطلاق.
و أما ما في التقريرات: من منع التمسك بالإطلاق، بدعوى: كون معنى الهيئة جزئيا؛ لأن وضعها كوضع الحروف يكون الموضوع له جزئيا، و الجزئي غير قابل للإطلاق