دار الأمر بين التقييدين كذلك كان التقييد الذي لا يوجب بطلان الآخر أولى، ففي المقام تقييد المادة أولى، و المصنف يردّ كلا الوجهين.
أمّا ردّ الوجه الأول: فلأن مفاد إطلاق الهيئة و إن كان شموليا بخلاف إطلاق المادة، إلّا إن المناط في التقديم و الترجيح ليس كونه شموليا؛ بل المناط كونه بالوضع كتقديم عموم العام على إطلاق المطلق، حيث يكون الأول بالوضع كان مقدما على الثاني؛ لأنه ليس بالوضع، بل بمقدمات الحكمة، و كلا الإطلاقين في المقام بمقدمات الحكمة، فلا أولوية لأحدهما على الآخر.
أمّا ردّ الوجه الثاني: فلأن التقييد و إن كان خلاف الأصل؛ إلّا إن العمل الذي يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة لا يكون على خلاف الأصل، و المقام من هذا القبيل؛ فإن تقييد إطلاق الهيئة مانع عن تحقق الإطلاق في المادة، لا أنه تقييد لإطلاق المادة كي يقال: إنه خلاف الأصل.
إلّا إن يقال: إن الشيخ توهم ثبوت إطلاق المطلق كعموم العام، و قد رفع اليد عن الإطلاق في جانب المادة بعد ثبوته، فيكون التقييد في جانب المادة على خلاف الأصل.
و لكن هذا التوهم فاسد، و قد عرفت وجه الفساد و هو: عدم الإطلاق في المادة أصلا؛ لعدم جريان مقدمات الحكمة.
نعم؛ إذا كان التقييد بمنفصل، و دار الأمر بين التقييدين كان لهذا التوهم مجال، حيث انعقد للمطلق إطلاق لجريان مقدمات الحكمة في المادة بلا مانع.
قوله: «فتأمل». لعله إشارة إلى عدم صحة هذا التوجيه؛ إذ ورود التقييد بعد حين كاشف عن عدم إطلاق من أول الأمر، فلا فرق في عدم انعقاد الإطلاق بين اتصال القيد و انفصاله.
6- نظريات المصنف «(قدس سره)»:
1- عدم صحة تقسيم الواجب إلى المعلق و المنجز بعد كونهما من الواجب المطلق.
2- الفرق بين الواجب المشروط عند المصنف، و الواجب المعلق عند الفصول: أن القيد على الأول قيد للوجوب، و على الثاني قيد للواجب.
3- أن وجوب المقدمة- بناء على الملازمة- تابع لوجوب ذيها في الإطلاق و الاشتراط؛ لأن وجوب المقدمة معلول لوجوب ذيها، فلا يعقل تغايرهما في الإطلاق و الاشتراط.