و ربما يشكل (1) في كون الأجزاء مقدمة له و سابقة عليه؛ بأن المركب ليس إلّا نفس الأجزاء بأسرها.
و الحل: (2) أن المقدمة هي نفس الأجزاء بالأسر، و ذو المقدمة هو الأجزاء بشرط
السطح، و قطع المسافة؛ فإن الواجب- و هو الكون على السطح- يتوقف على نصب السلم في الأول، و الحج يتوقف على قطع المسافة في الثاني.
و أما المقدمة الخارجية بالمعنى الأعم: فهي عين المقدمة الداخلية بالمعنى الأعم؛ أي:
الخارجة عن المأمور به قيدا، و الداخلة فيه تقيّدا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن المراد بالمقدمة الداخلية هي: الداخلية بالمعنى الأخص، و بالمقدمة الخارجية هي: الخارجية بالمعنى الأعم المقابلة للداخلية بالمعنى الأخص.
و من هنا ظهر الفرق بينهما، فلا حاجة إلى بيان ذلك.
(1) قد تعرض المصنف في البحث عن المقدمة الداخلية لجهتين:
الجهة الأولى: هي الإشكال في صحة إطلاق المقدمة عليها.
الجهة الثانية: هي الإشكال في دخولها في محل النزاع.
و الذي قرّره المصنف هو: عدم دخولها في محل النزاع؛ كما أشار إليه بقوله: «إنه ينبغي خروج الأجزاء عن محل النزاع». فانتظر وجه ذلك.
و أما حاصل الكلام في الجهة الأولى: فقد يستشكل في مقدمية الأجزاء؛ و يقال:
كيف تكون الأجزاء مقدمة داخلية للمأمور به الواجب؟ و الحال أن المقدمية تتوقف على أمرين:
الأول: أن تكون المقدمة غير المأمور به الواجب.
و الثاني: أن تكون سابقة عليه.
و كلا الأمرين: منتف في المقدمة الداخلية؛ لأن المقدمة الداخلية كما عرفت هي:
نفس الأجزاء، و الأجزاء عين المركب، فلا مغايرة بينهما أصلا، و لا تكون الأجزاء سابقة عليه؛ لأن نفس الشيء لا يكون سابقا عليه.
و بعبارة أخرى: مقدمة الشيء عبارة عما يقع في طريق وجوده، و الشيء لا يقع في طريق نفسه. و كيف كان؛ فلا مغايرة بين الأجزاء و المركب منها؛ ليكون للأجزاء وجود غير وجود الكل حتى تجب الأجزاء غيريا، و يجب الكل نفسيا. فتنحصر المقدمة بالخارجية، و لا تعقل المقدمة الداخلية أصلا.
(2) أي: حل إشكال عينية المقدمة للمأمور به الواجب. و توضيح ذلك يتوقف على