الإتيان بالمأمور به (1) على وجهه يقتضي الإجزاء في الجملة بلا شبهة.
و قبل الخوض في تفصيل المقام، و بيان النقض و الإبرام، ينبغي تقديم أمور:
[الفصل الثالث] الكلام في الإجزاء
(1) و قد عنونوا المسألة بوجوه ثلاثة:
الأول: ما في كلام بعضهم، و هو: أن الأمر يقتضي الإجزاء أم لا؟
الثاني: ما ذكره بعض آخر، و هو: أنّ الإتيان بالمأمور به يقتضي الإجزاء أم لا؟
الثالث: ما في كلام المصنف «(قدس سره)» و هو: «الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء في الجملة بلا شبهة»، ثم ما في كلام المصنف من العنوان أي: «الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء» أولى ممّا في كلام البعض من «أنّ الأمر يقتضي الإجزاء أم لا؟».
وجه الأولوية- على ما في «منتهى الدراية، ج 3، ص 3»:
أوّلا: إنّ النزاع ليس في مقام الدلالة و الإثبات؛ بل في مرحلة الواقع و الثبوت، و لذا يجري هذا النزاع في جميع الواجبات و إن لم يكن الدليل عليها لفظيا، بل لبيّا فلا وجه لجعل الإجزاء مدلولا للأمر.
و ثانيا: أنّ المقتضي للسقوط هو الامتثال المتحقق بإتيان متعلق الأمر بجميع ما يعتبر فيه- لا نفس الأمر- لأنه لا يدل إلا على مطلوبية المتعلّق، و لا يدلّ على الإجزاء إلا بالتوجيه، و هو أن الأمر لكشفه عن مصلحة في متعلقه يدل التزاما على سقوطه إذا أتى بمتعلقه الذي تقوم به المصلحة؛ لتبعية الأمر لها حدوثا و بقاء، و لكن لمّا كانت الدلالة على السقوط لأجل الإتيان بمتعلقه، فنسبة الإجزاء إليه بلا واسطة أولى من نسبته إلى الأمر معها كما لا يخفى.
و قد ظهر مما ذكرنا: أنّ هذا البحث ليس من الأبحاث اللغوية التي يطلب فيها تشخيص مدلول اللفظ وضعا أو غيره؛ بل من المباحث العقلية كما يظهر من أدلة الطرفين.