عرفت، و لكنه (1) لا يضر بدعوى الاتحاد أصلا؛ لمكان (2) هذه المغايرة و الانفكاك بين الطلب الحقيقي و الإنشائي كما لا يخفى.
ثم إنه يمكن- مما حققناه (3)- أن يقع الصلح بين الطرفين، و لم يكن نزاع في البين، بأن يكون المراد (4) بحديث الاتحاد ما عرفت من العينية مفهوما و وجودا حقيقيا و إنشائيا، و يكون المراد بالمغايرة و الاثنينية هو اثنينية الإنشائي من الطلب، كما هو (5) كثيرا ما يراد من إطلاق لفظه، و الحقيقي من الإرادة، كما هو (6) المراد غالبا منها حين إطلاقها، فيرجع النزاع لفظيا، فافهم (7).
(1) أي: و لكن الانفكاك المزبور لا يضر بدعوى اتحاد الطلب الحقيقي و الإرادة الحقيقية؛ لما مر من اعتبار وحدة الرتبة في عينيتهما، فالطلب الحقيقي متحد مع الإرادة الحقيقية، دون الطلب الإنشائي معها، فمغايرة الطلب الحقيقي للإرادة الإنشائية و بالعكس لا تنافي عينيتهما، و اتحادهما مع اتحادهما في الرتبة كالحقيقيين و الإنشائيين.
(2) أي: لثبوت هذه المغايرة و الانفكاك بين الطلب الحقيقي و الطلب الإنشائي، فكما إن مغايرة الطلب الحقيقي للطلب الإنشائي غير مضر في الاتحاد، و لا يلزم منه سلب الشيء عن نفسه لتعدد المرتبة، كذلك مغايرة الطلب الإنشائي و الإرادة الحقيقية غير مضر بدعوى الاتحاد لتعدد المرتبة.
(3) أي: من تعدد مراتب الطلب و الإرادة و اتحادهما مفهوما و وجودا إنشاء و حقيقة؛ يمكن «أن يقع الصلح بين الطرفين» أي: العدلية القائلين بالاتحاد، و الأشاعرة القائلين بالمغايرة.
(4) هذا بيان وجه الصلح بين الطرفين بتقريب: أنه يمكن أن يكون مراد من يثبت اتحاد الطلب و الإرادة اتحادهما مفهوما و مصداقا و إنشاء؛ بمعنى: أنهما متحدان في هذه الجهات مع وحدة المرتبة؛ بحيث يكون كل منهما عين الآخر في تلك المرتبة.
و مراد من ينفى اتحادهما، و يثبت تغايرهما هو: تغايرهما مع اختلاف المرتبة، كالطلب الإنشائي مع الإرادة الحقيقية فإنهما متغايران، و لا يتحدان أصلا، و بهذا الوجه يقع الصلح بين الطرفين و يصير النزاع بينهما لفظيا.
(5) أي: الطلب الإنشائي كثيرا ما يراد من إطلاق لفظ الطلب.
(6) أي: الحقيقي من الإرادة هو المراد غالبا من لفظ الإرادة؛ عند إطلاق لفظ الإرادة.
(7) لعله إشارة إلى عدم كون النزاع لفظيا؛ لأن الأشعري قائل بأن مدلول الصيغة