و بيان ذلك: أنه يمكن إبطال الوجه الأول الذي استدل به على البساطة- و هو أخذ مفهوم الشيء في المشتق- أي: يمكن إبطال أخذ مفهوم الشيء في المشتق بلزوم انقلاب مادة الإمكان إلى الضرورة أيضا أي: كما أبطل الوجه الثاني- و هو أخذ مصداق الشيء في مفهوم المشتق بلزوم الانقلاب؛ بأن يقال: إن الانقلاب لا يختص بالوجه الثاني- و هو أخذ مصداق الشيء في مفهوم المشتق- بل يعم الوجه الأول أيضا؛ حيث إن عروض مفهوم الشيء لمصاديقه و صدقه عليها ضروري، مثلا: عروض الشيئية للإنسان ضروري لا ممكن، فإشكال انقلاب الممكنة إلى الضرورية كما يبطل الوجه الثاني كذلك يبطل الوجه الأول و هو أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتق، و لازم ذلك: بساطة المشتق و نفي تركيبه؛ إذ على التركيب يلزم انقلاب مادة الإمكان إلى الضرورة و هو باطل.
هذا غاية ما يمكن في توضيح ما أفاده صاحب الفصول في إبطال الوجه الأول، و اعترض المصنف عليه و قال: «قد انقدح بذلك عدم نهوض ما أفاده بإبطال الوجه الأول».
و قوله: «فإن لحوق مفهوم الشيء ...» إلخ بيان ما انقدح من كلام المصنف في ردّ ما تنظر فيه الفصول من تسليم الانقلاب في الوجه الثاني.
و حاصل ردّ المصنف على الفصول: أن ضرورية لحوق مفهوم الشيء لمصاديقه منوطة بإطلاقه كعروضه لزيد و بكر و غيرهما من المصاديق، بخلاف ما إذا قيد بقيد كتقيّده بالضحك و الكتابة و غيرهما من مبادئ المشتقات، فإن عروض المفهوم المقيد لمصاديقه ليس ضروريا، و على هذا- فزيد ضاحك- بناء على انحلال الضاحك إلى شيء له الضحك لا يكون من القضايا الضرورية، لإمكان عدم كون زيد شيئا له الضحك في بعض الأوقات. نعم؛ إذا أخذ زيد بشرط الضحك موضوعا للشيء الذي له الضحك؛ تصير القضية ضرورية بشرط المحمول كسائر القضايا الضرورية بشرط المحمول، و هي كما عرفت خارجة عن محل الكلام.
و خلاصة الكلام في المقام: أن ما أفاده صاحب الفصول من جريان إشكال انقلاب الممكنة إلى الضرورية في الشق الأول- و هو أخذ مفهوم الشيء في معنى المشتق- في غير محله؛ لابتنائه على أخذ الموضوع بشرط المحمول، و قد عرفت ما في هذا الشرط من الإشكال.