باجراء القاعدة في خصوص الحديثين لعله من جهة كون بحثه في تعارض الأخبار و لا يريد الاختصاص.
ثم إنّ الجمع بين الدليلين قد يكون بحمل الظاهر على النص أو الأظهر ممّا يساعده فهم العرف لا يحتاج إلى شيء من الخارج، و قد يكون جمعا بشاهد كما إذا ورد أنّ العاري يصلّي قائما موميا، و ورد أيضا أنّ العاري يصلّي جالسا فإنّهما بحيث لا يعرف العرف وجه جمع بينهما، لكن لو فرض أنه ورد أيضا أنّ العاري يصلّي قائما مع الأمن من المطّلع و جالسا مع عدم الأمن صار هذا شاهدا للجمع بين الأوّلين بهذا التفصيل و يساعده العرف أيضا. و يمكن إرجاع هذا القسم إلى القسم الأول بملاحظة مجموع الثلاثة، و قد يكون جمعا بالتأويل و ذلك كما إذا تعارض دليلان بالتباين و كان بحيث لو قطع بصدورهما يحكم العقل بلزوم إرادة ذلك المعنى التأويلي صونا لكلام الحكيم عن التناقض، ثم إنّ ذلك المعنى التأويلي قد يكون متّحدا و قد يكون متعدّدا بعضها أقرب من الباقي أو يكون الكل على السوية في القرب و البعد، إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ محل النزاع في القاعدة ما عدا القسمين الأوّلين كما لا يخفى.
ثم إنّ المراد من أولوية الجمع هو اللازم المستحق نظير قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ[1] كما هو واضح، نعم الجمع التبرّعي الذي يستعمله الشيخ الطوسي (رحمه اللّه) في كتاب التهذيب بعد الترجيح لبعض الأغراض الذي أشار اليه فيه فإنه أولى بمعناه الحقيقي، لكنه غير منظور إليه هنا.
ثم إنه يظهر من كلام العوالي أنّ أولوية الجمع بالنسبة إلى الترجيح، و الأظهر أنه إن تمّت القاعدة يحكم بأولوية الجمع على كل ما يلزم على تقدير عدم الجمع