الظاهر أنّه إشارة إلى تقريب الاستدلال بالآية، بيانه أنّ الظن و الاعتقاد ليسا من الامور الاختيارية التي يصح تعلق التكليف بها، بل من الامور القهرية، فلا بدّ أن يراد من التكليف بهما ترتيب آثارهما كما في قوله (عليه السلام) لا تنقض اليقين و كن على يقين من طهارتك، و نحو ذلك، لكن لا قرينة ظاهرة على أنّ المراد من القول هو الاعتقاد. و يمكن أن يقال لا احتياج إلى ذلك، لأنّ ظاهر القول هو الاخبار عن اعتقاد دون مجرد النطق باللسان و ذلك يفيد المطلوب، هذا.
و لكن الإنصاف عدم دلالة الآية مع ذلك كله على ما هو المقصود من وجوب حمل الأفعال على الصحة بمعنى ترتيب جميع آثار الصحة، بل غاية ما تدل عليه عدم الحكم بفسق الفاعل بمجرد فعله لما يظن فساده بقرينة قوله (عليه السلام) في ذيل الرواية «حتى تعلموا ما هو» يعني لا تتهموا الناس بالظنون و الأوهام و اسكتوا عنهم ما لم تعلموا علما يقينيا بفساد ما فعلوا، هذا.
مضافا إلى أنّ الأمر بالاعتقاد بالحسن على ظاهره أيضا صحيح على ما بيّناه مفصّلا في مباحث الظن و حاصله: أنه يصح الأمر بعقد القلب على غير ما يعتقده تعبّدا كما هو كذلك في جملة من العقائد المأمور بها التي لم يستقل بها العقل، و النهي عن التشريع أيضا من هذا القبيل. و مما ذكرنا يظهر وجه تقريب الاستدلال بقوله تعالى اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ[2] مع جوابه.