أنّ قولنا الكلب نجس و الماء طاهر و نحوهما مسألة فرعية بلا كلام مع أنّه يصحّ الاستدلال بها على جزئياتها فيقال هذا كلب و كلّ كلب نجس فهذا نجس و هكذا، إلّا أنّ من الواضح أنّ مرادنا من الدليل هاهنا هو الدليل على أصل ثبوت الحكم في الشريعة كما هو حال الأدلّة الأربعة بالنسبة إلى مدلولاتها.
بقي الكلام في شيء أشرنا إليه في صدر المبحث و هو بيان مورد الثمرة المترتّبة على كون المسألة اصولية أو فقهية، و جميع ما قيل أو يقال فيه امور منها:
النذر و شبهه من العهد و اليمين و الوقف و الوصية، فلو نذر أو حلف أو وقف أو أوصى مالا لمن يشتغل بعلم الاصول فلو كان الاستصحاب من الاصول يصحّ اعطاء المال لمن يشتغل بالاستصحاب و إلّا فلا.
و منها: حجّية الظنّ فيه و عدمه بناء على قول من يذهب إلى حجّية الظنّ في الفروع دون الاصول. لكن فيه أنّ المبنى فاسد.
و التحقيق أنّ الظنّ المنتهى إلى العلم بأن قام دليل قطعي على اعتباره و لو بالواسطة حجّة مطلقا في الفقه و الاصول، و غير المنتهى إلى العلم ليس بحجّة مطلقا فيهما.
و منها: جواز التقليد فيه و عدمه فإنّ ما يصحّ التقليد فيه إنّما هو المسائل الفرعية دون الاصولية، لكن لقائل أن يمنع هذا و يقول لم لا يجوز التقليد في المسألة الاصولية لو فرضنا أنّ التقليد فيها ينفع المقلّد و إلّا فالتقليد في أغلب المسائل الاصولية لا ينفعه في عمله، فلو فرضنا أنّ المقلّد عالم بجميع الامور التي يستنبط منها الحكم الفلاني علما وجدانيا ما عدا أمر واحد يكون من المسألة الاصولية ككون الأمر للوجوب مثلا، فإن قلّد في هذه المسألة الخاصّة ينفعه في استنتاج الحكم الفرعي و يعمل به، و التحقيق أنّ المرجع في هذا المطلب ملاحظة أدلّة التقليد فإن كان الدليل هو الإجماع و السيرة فلا ريب أنّ القدر المتيقّن منهما