و فيه: أنّ غاية ما تقتضيه حكمة الوضع هي وقوع ما وضع له في طريق الإفادة و الاستفادة و رفع الاحتياج به- و إن كان في ضمن أمر آخر- و أمّا الإفادة و الاستفادة منه مستقلًاّ فلا. فإذا رفع الاحتياج و استفيد منه- و لو بازدواج المادّة و الهيئة معاً- فلا محذور فيه. و واضح: أنّ الإشكال إنّما يتوجّه إذا لم يمكن التنطّق بالمادّة أو الهيئة أصلًا- و لو مشفوعاً بالأُخرى- و قد عرفت بما لا مزيد عليه إمكان التنطّق بكلّ منهما مزدوجاً بالأُخرى.
الإشكال الثاني: أنّه كيف يجمع بين قولهم: إنّ المصدر و اسمه موضوعان للماهية اللابشرط و بين كون مادّة المشتقّات موضوعة لذلك مع أنّ المشتقّ لا بدّ و أن يوجد فيه مبدأ الاشتقاق و شيء آخر؛ قضاءً لحقّ الاشتقاق، و إلّا لاتّحد المشتقّ و المشتقّ منه.
مع أنّه لو كانت هيئة المصدر و اسمه موضوعتين لنفس الطبيعة اللابشرط يلزم التكرار في الدلالة؛ في دلالة المصدر و اسمه، إحداهما دلالة هيئتهما، و الثانية دلالة مادّتهما. و الوجدان حاكم بأنّه ليس هناك إلّا دلالة واحدة.
و فيه: أنّ الإشكال- على القول بكون المصدر و اسمه مبدأ المشتقّات- إنّما هو في المصادر المجرّدة، و أمّا المصادر غير المجرّدة فلم يقل أحد بدلالتها على نفس الطبيعة اللابشرط فقط.
مع أنّ جريان الإشكال في المصادر المجرّدة إنّما هو إذا لم يكن المصدر دالّاً على الطبيعة المنتسبة و اسمه على نفس الطبيعة، و إلّا يحصل الفرق بينهما.
و بالجملة: لا يتوجّه صورة الإشكال إذا قلنا بأنّ مدلول المصدر الطبيعة المنتسبة، و مدلول اسمه نفس الطبيعة.
نعم، يتوجّه على ما هو المشهور بين أهل الأدب من أنّ مدلول المصدر و اسمه الطبيعة اللابشرط.