و الحكومة الواقعية هي حكومة الأدلّة الواقعية بعضها على بعض، و حيث إنّ المجعول في دليل الحاكم في عرض دليل المحكوم فيوجب ذلك التوسعة أو التضييق في دليل المحكوم، كقوله (عليه السلام):
[2]، فيكون حاكماً عليه، فهو تخصيص بلسان الحكومة. و التعبير عنه بالحكومة دون التخصيص إنّما هو باعتبار عدم ملاحظة النسبة بين الدليلين.
و الحكومة الظاهرية هي حكومة الطرق و الأمارات و الاصول بالنسبة إلى الأحكام الواقعية، و حيث إنّ المجعول فيها في طول المجعول الواقعي و في الرتبة المتأخّرة عنه- خصوصاً بالنسبة إلى الاصول التي اخذ الشكّ في موضوعها- فلا يمكن أن يكون المجعول الظاهري موسّعاً أو مضيّقاً للمجعول الواقعي.
و بالجملة: المجعول الظاهري إنّما هو واقع في مرتبة إحراز الواقع، و البناء العملي عليه بعد جعل الواقع و انحفاظه على ما هو عليه من التوسعة و التضييق، فلا يمكن أن يكون المجعول موسّعاً أو مضيّقاً للمجعول الواقعي، و لا توجب تصرّفاً في الواقع أبداً. و غاية ما هناك حكومة ظاهرية يترتّب الآثار ما دام شاكّاً، فأنّى له و للإجزاء عن المجعول الواقعي بعد زوال الشكّ [3]
؟! و فيه أوّلًا: أنّ للحكومة معنى واحداً، و تقسيمها إلى الواقعية و الظاهرية غير وجيه، و اختلافهما إنّما هو في المتعلّق، و هو لا يوجب اختلافاً في معنى الحكومة.
و لو صحّ تقسيم الشيء بلحاظ متعلّقه يلزم أن لا يَقف تقسيم الحكومة بالواقعية و الظاهرية، بل لا بدّ و أن تنقسم بلحاظ متعلّقات الأحكام، و هو كما ترى.
[1]- راجع وسائل الشيعة 5: 329، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الباب 16.