المعنى الأوّل: أن يكونا بصدد جعل الطهارة أو الحلّية الظاهريتين على المشكوك بما هو مشكوك، قبال الطهارة و الحلّية الواقعيتين المجعولتين على نفس الشيء و ذاته. و معنى جعلهما قبالهما هو أنّه كلّما يعتبر فيه الطهارة الواقعية أو الحلّية الواقعية يجزيه الطهارة و الحلّية الظاهريتين، نظير جعل المماثل الذي قد قيل في الطرق و الأمارات [1]. و هذا المعنى لم يصحّ في الطرق و الأمارات كما سبق بيانه، و لكن لا ضير فيه في باب الاصول.
المعنى الثاني: أن يكونا بصدد بيان ترتيب آثار الطهارة الواقعية أو الحلّية الواقعية على الشيء المشكوك ما دام شاكّاً.
و المتراءى في بدء النظر من لسانهما المعنى الأوّل، و لكن لا يبعد أن يكون المنسبق إلى أذهان العرف و العقلاء هو المعنى الثاني؛ لأنّهم لم يفهموا من ذاك اللسان أنّ للشارع طهارتين- مثلًا- طهارة واقعية مجعولة على ذات الشيء، و في مقابلها طهارة ظاهرية مجعولة على الشيء بما أنّه مشكوك فيه. بل غاية ما يستفيدونه هي ترتيب آثار الطهارة الثابتة على ذات الشيء على المشكوك فيه، فتدبّر.
و كيف كان: على أيّ المعنيين لو جعلت أصالة الطهارة- مثلًا- قبال ما دلّ على اعتبار الطهارة في الصلاة، و عرضتا على العرف و العقلاء فلا ريب و لا إشكال في أنّهم يفهمون منه أنّ الطهارة المعتبرة في الصلاة أعمّ من الطهارة الواقعية، فيكون نطاقه التوسعة في دليل اشتراط الطهارة في الصلاة.
و بالجملة: ظاهر قوله (عليه السلام):
«لا صلاة إلّا بطهور»
[2]- بناءً على شموله للطهارة الخبثية أيضاً- لو خلّيت و نفسه اشتراط الطهارة الواقعية في الصلاة. و لكن لو قُرِن به