إنّما هي إنفاذ الشارع ما يراه العرف و العقلاء، و واضح أنّ الذي عندهم هو أنّ العادل لا يكذب على الواقع و قوله طريق إليه، فتدبّر جيّداً.
الوجه الثالث:
إنّ مقتضى دليل حجّية الأصل كما يكون جعل حكم مماثل على مؤدّاه فكذلك مقتضى دليل حجّية الأمارة هو جعل حكم مماثل على مؤدّاها، و واضح أنّ لازم ذلك الإجزاء.
و بالجملة: لسان اعتبار الأمارة مثل لسان اعتبار الأصل، فكما أنّ مقتضى اعتبار الاصول تحكيم الأدلّة الواقعية، فليكن كذلك مقتضى اعتبار الأمارات.
و فيه أوّلًا: أنّه لم يكن لنا دليل يكون مقتضاه جعل حكم مماثل على طبق الأمارة، و لا يستفاد منه أنّ الشارع بصدد جعل أمارة تأسيسية. و غاية ما يستفاد منه إمضاء ما عليه العقلاء كما عرفت، و قد عرفت أنّهم يرون أنّ للأمارة طريقية محضة، من دون تصرّف في الواقع كالقطع، و واضح أنّ مقتضاه عدم الإجزاء عند كشف الخلاف.
و ثانياً: أنّه لو سلّم ذلك يلزم خروج الأمارة عن أماريتها، حيث إنّه على هذا ليس له واقع- تطابقه أم لا- بل يكون مفاده أنّه عند قيام الأمارة على وجوب صلاة الجمعة- مثلًا- جعل وجوب صلاة الجمعة، و ما هذا شأنه لم يكن إمضاء أمارة أو تأسيسها على ما هي عليها، فلو كان، يكون مقتضى جعل المماثل الإجزاء، كما ذكر في التقريب، و لكن دون إثباته خَرط القَتاد.
ذكر و تعقيب: في عدم تمامية القول بجعل المماثل
إذا أحطت خبراً بما ذكرنا- من أنّه لو تمّ القول بجعل المماثل على طبق مؤدّى الأمارة فمقتضاه الإجزاء- يظهر لك الخلل فيما أفاده المحقّق الأصفهاني (قدس سره) فإنّه قال: