واحد منها ما يكون لسانه مثل لسان «كلّ شيء طاهر» حيث جعل الطهارة على موضوع الشكّ؟
و لعمر الحقّ إنّه لم يوجد دليل يكون مفاده «صدّق العادل»، بل جميع ما ورد يكون إرشاداً إلى ما هو المعلوم و المرتكز عند العرف و العقلاء، و واضح أنّه كما أشرنا ليس عند العقلاء إلّا أنّ الأمارة طريق إلى الواقع، من دون تصرّف فيه.
نعم، غاية ما يمكن أن يذعن به و يعترف به هو كون تصديق العادل معنى اصطيادياً من أدلّة اعتبار الأمارة.
فعلى هذا يكون فرق جلي بين لسان اعتبار الأمارة و لسان اعتبار الأصل؛ لأنّ لسان اعتبار الأمارات التأسيسية- فضلًا عن إمضائياتها- لا يكون لسان تقييد الواقع، بل مقتضاها تعيين طُرق إليه لم يكن معهوداً بينهم، و يفهم العرف جليّاً من لزوم العمل على قول الثقة أنّه بلحاظ كشفه و إراءته للواقع، من دون أن يكون مقتضاه جعل حكم على خبر الثقة.
و أمّا لسان اعتبار الاصول- كما سيمرّ بك عن قريب تفصيلها- فهو جعل الحكم و الوظيفة الظاهرية على المشكوك فيه من حيث هو مشكوك، فارتقب حتّى حين.
و ثانياً: لو سلّم كون مفاد اعتبار الأمارة تعبّد الشارع بتصديق العادل لخرجت الأمارة عن أماريتها، و تكون هي موضوع رتّب عليه آثار الواقع، كما رتّب آثار الطهارة الواقعية على مشكوك الطهارة.
و بالجملة: يكون مقتضى ذلك جعل حكم شرعي؛ و هو تصديق العادل على موضوع يكون أمارة تكوينية، مثل ما إذا قال المولى: لو أحرزتَ طلوع الشمس فابن على مجيء زيد، كما أنّه جعل الشكّ موضوعاً للحكم الشرعي. و أنت خبير بأنّ هذا اللسان غير لسان اعتبار الأمارة من جهة أماريته؛ بداهة أنّ لسانها