- مثلًا- لا تكون علّة للإحراق الكلّي القابل للصدق على المتولّد منها و غيرها، و لا للإحراق المقيّد بكونه من قبلها، و لكنّها تكون مؤثّرة في الحرارة التي لا تنطبق إلّا على المتقيّدة بها لبّاً.
فعلى هذا: إذا ورد أمر و شكّ في أنّه تعبّدي أو توصّلي فلا موقع للتمسّك بالإطلاق و الحكم بكونه توصّلياً، بل مقتضى الأصل هو الحكم بكونه تعبّدياً؛ لأنّ المبعوث إليه و المنحدر عليه البعث لا يصلح للانطباق إلّا على المتقيّد بقصد الأمر.
هذا غاية التقريب في مقاله (قدس سره).
و لكن فيما أفاده نظر؛ و ذلك لأنّ اتّحاد علل التشريع مع علل التكوين و قياسها بها ليس بيّناً في نفسه، و هو واضح، و لا مبيّناً؛ لعدم قيام برهان عليه.
بل يمكن إقامة البرهان على التغاير؛ ضرورة أنّ المعلول في العلّة التكويني لا وجود له قبل إيجاد العلّة إيّاه؛ لا خارجاً كما هو واضح، و لا نفساً.
و بالجملة: لا اسم و لا رسم و لا أثر للمعلول في الوجود في التكوينيات قبل إيجاد العلّة إيّاه؛ بداهة أنّ إشراق الشمس أو إحراق النار قبل إيجاد العلّة إيّاه لا تشخّص له أصلًا؛ لأنّ التشخّص- كما قرّر في محلّه- مساوق للوجود المنفي ذهناً و خارجاً حسب الفرض، و بإيجاد العلّة يتشخّص المعلول.
فعلى هذا: لا تضيّق للمعلول أصلًا، بل هو باقٍ على سعته الأوّلية؛ من كونه صالحاً للانطباق على غير واحد.
هذا في العلل التكوينية.
و أمّا في العلل التشريعية: فبخلاف ذلك؛ و ذلك لأنّ من يريد جعل حكم و قانون على موضوع يلاحظ أوّلًا الموضوع و المتعلّق بجميع ما يكون دخيلًا فيه، ثمّ ينحدر البعث نحوه.