فكذلك المعلول لعلّة تشريعية تدور مدار علّتها كذلك. فكما أنّ العلّة التكويني إذا وجدت وجد المعلول بلا فصل بينهما، فكذلك العلّة التشريعي بالنسبة إلى معلولها.
و من هنا استفاد (قدس سره) الفورية من البعث و الأمر.
و كما أنّ التداخل في العلل التكوينية المستقلّة مستحيلة- لاستحالة تأثير علل متعدّدة تامّة في معلول واحد- فكذلك في العلل التشريعية. و من هنا بنى على عدم التداخل في الأوامر المستقلّة التي هي أسباب مستقلّة شرعية.
الثالثة: أنّ بعض القيود ممّا يمكن لحاظه في المتعلّق و تقييد المتعلّق به، كالطهارة في الصلاة و الإيمان و العدالة في الرقبة، و بعضها ممّا لا يمكن أخذه في المتعلّق و تقييده به، إلّا أنّه لا ينطبق إلّا على المتقيّد به- يعني يكون له ضيق ذاتي لا يعمّ غيره- كمقدّمة الواجب- بناءً على وجوبها- فإنّ الإرادة من الآمر المستتبعة للبعث لا تترشّح على المقدّمة مطلقاً؛ موصلة كانت أم لا؛ لعدم الملاك.
و لا على المقيّدة بالإيصال، كما عليه صاحب «الفصول» (قدس سره) [1]؛ للزوم الدور، كما قرّر في محلّه. و لكن لها ضيق ذاتي لا تنطبق إلّا على المقدّمة الموصلة، من دون أن يكون لحاظ الإيصال قيداً.
و قصد الامتثال و التقرّب و نحوهما من هذا القبيل؛ فإنّ الأوامر و إن كانت مطلقة في اللفظ و لم تكن مقيّدة بها، لكنّها متقيّدة بها في نفس الأمر؛ فلها ضيق ذاتي في الواقع. فهي لا مطلقة و لا مقيّدة، إلّا أنّها لا تنطبق إلّا على المتقيّدة بها.
و بالجملة: المأمور به على مقتضى المقدّمة الاولى و إن كانت طبيعة قابلة للتكرار، و لكن لا إطلاق لها حتّى يتمسّك به في المقام، بل له ضيق ذاتي لا ينطبق إلّا على المتقيّدة بقصد الأمر و نحوه، كما هو الشأن في العلل التكوينية؛ ضرورة أنّ النار