هنا أيضاً؛ لأنّ ذات العلّة و إن كانت متقدّمة على المعلول، و لكن- مع ذلك- لا يتقدّم لحاظ العلّة على لحاظ المعلول زماناً، هذا.
و أمّا عدم التقدّم العلّي و الرتبي: فلوضوح أنّ التقدّم الكذائي إنّما يتصوّر فيما إذا كان هناك ترتّب عقلي أو غيره، و لا يكون شيء منهما فيما نحن فيه. و لو كان بين اللحاظين ترتّباً يلزم أن يكون لحاظ ما يكون علّة لأمر علّة للحاظ المعلول، مع أنّه ليس كذلك.
أ لا ترى أنّ ذات الواجب تعالى علّة للموجودات، و مع ذلك لا يكون لحاظه تمام العلّة للحاظ الموجودات، و لا جزء العلّة للحاظها؟! كما هو أوضح من أن يخفى.
فإذن: الترتّب و العلّية في ذاتي العلّة و المعلول لا في لحاظهما، و إلّا لو تمّ ما ذكره و ثبت الترتّب بين اللحاظين يلزم أن لا يمكن لحاظ الأثر و المعلول قبل المؤثّر و العلّة؛ فيلزم إنكار البرهان الإنّي و إبطاله- لأنّه عبارة عن العلم بالعلّة من ناحية العلم بالمعلول- فتدبّر.
و بالجملة: الوجدان بل البرهان قائمان على أنّ تقدّم الرتبي إذا كان في ذاتي الشيئين لا يوجب ذلك أن يكون بين لحاظيهما أيضاً ترتّباً. و لم يأت هذا المحقّق (قدس سره) بما يدلّ على الترتّب بين اللحاظين إلّا من ناحية الترتّب في الملحوظين، و قد عرفت فساده.
فإذن: ليس الإشكال في البين إلّا محذور تقدّم أحد الملحوظين على الآخر.
و جوابه: هو الذي أفاده (قدس سره) و أجبنا.
و لعمر الحقّ: إنّ هذا الوجه أوهن وجوه الباب، و لا ينبغي التوجّه إليه.
و العجب منه (قدس سره) حيث حصر الإشكال الصحيح فيه.
هذا كلّه فيما يتعلّق بالمورد الأوّل؛ و هو امتناع أخذ قصد الأمر في المتعلّق ذاتاً، و أنّه تكليف محال. و قد عرفت- لعلّه بما لا مزيد عليه- إمكان أخذه، فتدبّر.