و بالجملة: كلّ فعل من الأفعال الاختيارية- حتّى التكلّم- لا بدّ له من مبادئ تجب عندها و تمتنع دونها.
نعم، في بعض الموارد لكثرة الانس و كثرة ورودها على المشاعر يغفل الإنسان عن المبادئ، كالتكلّم.
و لا فرق في الأفعال الاختيارية بين كونها آلياً في مقام العمل كالألفاظ، أو فعلًا استقلالياً كالأكل و الشرب من حيث احتياجها إلى المبادئ؛ من التصوّر و التصديق بالفائدة و الشوق أحياناً و الإرادة.
فكما يحتاج الأكل- مثلًا- إلى المبادئ فكذلك التكلّم يحتاج إليها أيضاً، و لكن حيث إنّ الآمر يرى أنّ الألفاظ حاكيات فيلاحظها ثانياً لاستعمالها آلياً.
مثلًا: قبل إنشاء الزوجية يلاحظ كلّ من ألفاظ «أنكحت هذه من هذا» مستقلًاّ، ثمّ يلاحظها بما أنّها آلة لإيقاع علقة الزوجية.
فظهر: أنّه لم يلزم اجتماع اللحاظين في آنٍ واحد قبل الإنشاء.
و أمّا عند الإنشاء: فكذلك أيضاً؛ لما عرفت أنّ إبراز ما لا يكون من مقوّمات الموضوع- سواء كان قيداً عرضياً أو طولياً- لا يمكن بإلقاء نفس الموضوع، بخلاف ما يكون من مقوّماته؛ فإنّه بمكان من الإمكان، فلا بدّ من دالٍّ آخر يدلّ عليه.
مثلًا: إذا قال: «صلّ بقصد هذا الأمر» فعند قوله: «صلّ» يكون الأمر آلة للبعث و ملحوظاً آلياً. و حينما يقول بقصد هذا الأمر يكون ملحوظاً استقلالياً.
و كم له من نظير من انقلاب المعنى الآلي الأدوي إلى الاسمي الاستقلالي بلحاظ مستأنف!
بل كما أشرنا إليه سابقاً في المعاني الحرفية: أنّ غالب القيود الواقعة في الكلام إنّما هي في المعاني الحرفية. مثلًا قولك: «ضربت زيداً أمام الأمير يوم الجمعة؛ ضرباً