كالطهارة و الاستقبال و نحوهما، و بين العناوين الطولية على مصطلحهم، كقصد الأمر و نحوه في المتعلّق.
بل قد يجب أخذ ما لم تستوف المصلحة من نفس الطبيعة المجرّدة بدونه إذا كان المولى بصدد بيان ما تعلّقت إرادته الجدّية بها.
الوجه الخامس: أنّه لو اخذ قصد الأمر في متعلّقه يلزم اجتماع اللحاظين المتنافيين: اللحاظ الآلي و اللحاظ الاستقلالي في زمان واحد، و هو محال.
و ذلك لأنّ التكليف إنّما يتعلّق بشيء بعد تصوّر ذلك الشيء و لحاظه بجميع قيوده، و إلّا يلزم الحكم على ما لم يلحظ، و من القيود قصد الأمر، و حيث إنّ قصد الأمر متوقّف على الأمر فلا بدّ من لحاظه و قصده بالاستقلال.
و لكن حيث إنّ الأمر آلة لإيقاع البعث الخارجي و إيجاده فلا بدّ من لحاظه آلة و قنطرة لغيره، كما هو الشأن في المعاني الآلية.
فيلزم من أخذ قصد الأمر في متعلّق التكليف أن يلحظ آلياً و استقلالياً، و هو محال، و ما يلزم من وجوده المحال فهو أيضاً محال؛ فقصد الأمر في المتعلّق محال.
و فيه: أنّه يظهر وجه ضعف هذا الإشكال ممّا ذكرناه سابقاً؛ و ذلك لأنّ الجمع بين اللحاظين إنّما يلزم و يستحيل إذا كانا في زمان واحد، و لا يلزم الجمع بينهما كذلك فيما نحن فيه؛ لا قبل جعل الحكم و إنشائه على الموضوع، و لا عند الإنشاء.
و بالجملة: هناك لحاظات متعدّدة في آنات متعدّدة؛ و ذلك لأنّ قبل الجعل و الإنشاء يتصوّر الموضوع بما له من القيود مستقلًاّ- و منها قصد الأمر- من دون أن يكون هناك لحاظ آلي.
ثمّ بعد ذلك إذا تمّت مبادئ الإنشاء ينحدر البعث نحو الطبيعة المقيّدة بقصد الأمر، و ينشئه في محيط التشريع. و في هذا اللحاظ حيث يكون الأمر آلة التشريع و البعث يكون ملحوظاً آلياً؛ فلم يلزم الجمع بين اللحاظين في زمان واحد.