الخارج عين و لا أثر. و تعلّق الإرادة و تحرّك العضلات نحوهما توجد مطلقة أو مقيّدة، هذا حال التكوين. و الامور التي يصدر منّا في الخارج، و يجري جميع ما ذكرناه فيه في التشريع أيضاً [1]؛ و ذلك لأنّه إذا رأى الشارع الأقدس كون ذات شيء فيه صلاح مثلًا فيريده بلا قيد و شرط، و ينحدر البعث و الحكم نحوه.
و لكن إن رأى أنّ المصلحة قائمة بالمتقيّد بالقيد فيريده مقيّداً، و ينحدر البعث و الحكم كذلك. مثلًا لو رأى الشارع الأقدس أنّ الصلاة لم تكن لها مصلحة إلّا إذا كانت مقرونة بالطهارة و الاستقبال- مثلًا- فلا بدّ من تصوّرهما قيداً للصلاة، و التصديق بأنّ المصلحة قائمة بالصلاة المتقيّدة بهما لا مطلقاً، فيريدها كذلك، فيأمر بالصلاة متقيّدة بالطهور و الاستقبال.
و لا فرق في القيود بين كونها تحت اختيار المكلّف و بين كونها خارجة عن اختياره- كإتيان الصلاة في الوقت مثلًا- كما لا فرق بين كون القيود موجودة في الخارج عند الأمر بها- كالقبلة- أو غير موجودة فيه.
و السرّ في ذلك: هو أنّ القيود المعتبرة إنّما هي بلحاظ ظرف الامتثال، لا ظرف الأمر؛ فمجرّد تصوّر كون القيد دخيلًا في المصلحة كافٍ في تعلّق الإرادة، و إن كان غير موجود في الخارج عند الأمر. نعم لا بدّ و أن يكون ممّا يمكن إيجاده في ظرف الامتثال.
فإذا تبيّن لك: أنّ المعتبر في مقام تعلّق الأمر هو لحاظ الشيء و وجوده الذهني، لا وجوده الخارجي، فكما تصحّ ملاحظة الطهارة من دون وجود لها في الخارج، و نلاحظ أنّ الصلاة بلا طهور لا مصلحة لها؛ فيريدها متقيّدة، و ينحدر الحكم و البعث نحوها كذلك، فيوجدها المكلّف كذلك خارجاً.
[1]- قلت: و ليعلم أنّ ما نذكره في إرادة التشريع إنّما هو حال الموالي العرفية بالنسبة إلى عبيدهم، و المقنّنين البشريين؛ لأنّه لم يكن لنا طريق إلى كيفية جعل القوانين الشرعية بالنسبة إلى المبادئ العالية. و لعلّه يظهر حالها من المقايسة، و اللَّه العالم [المقرّر حفظه اللَّه].