و ليعلم: أنّ ما قرّره مقرّره- دام بقاءه- غير ما ذكره المحقّق العراقي (قدس سره) في «مقالاته»، و إن كان قريباً منه:
أمّا ما ذكر في تقرير بحثه فحاصله: أنّ كلّ أحد إذا طلب من غيره أمراً فغرضه هو حصوله في الخارج و تحقّقه، فلا بدّ و أن يكون طلبه إيّاه في حدّ ذاته لا قصور فيه في مقام التوسّل إلى إيجاده.
و ليس ذلك إلّا الطلب الإلزامي الموجب فعله الثواب و تركه استحقاق العقاب.
و أمّا الطلب الاستحبابي فلا يصلح لذلك، و إنّما يصلح مجرّد الثواب لفعله.
و لو كان هناك ما يقتضي قصوره عن التأثير التامّ في وجود المطلوب- و لو لقصور المصلحة أو لمانع يوجب قصورها عرضاً- لوجب عليه أن يطلبه بتلك المرتبة؛ فإن أشار إليها في مقام البيان فهو، و إلّا فقد أخلّ في بيان ما يحصل به غرضه.
فعليه: يكون إطلاق الأمر دليلًا على طلبه الذي يتوسّل به الطالب إلى إيجاد مطلوبه بلا تسامح فيه، و ليس هو إلّا الطلب الوجوبي [1]
. و أمّا الذي ذكره المحقّق العراقي (قدس سره) في «المقالات» فهو أسلم ممّا ذكر في تقرير بحثه؛ لأنّه قال: يكفي لإثبات الوجوب ظهور إطلاقه في كونه في مقام حفظ المطلوب، و لو بكونه حافظاً لمبادئ اختياره من جهة إحداثه الداعي على الفرار من العقاب أيضاً، بخلاف الاستحبابي فإنّه لمحض إحداث الداعي على تحصّل الثواب؛ فلا يوجب مثله حفظ مبادئ اختيار العبد للإيجاد بمقدار ما يقتضيه الطلب الوجوبي؛ و لذا يكون في مقام حفظ الوجود أنقص، فإطلاق الحافظية يقتضي حمله على ما يكون حافظيته أشمل [2].