الغفلة و النسيان و النوم و غير ذلك من الأعذار، فإنّ الأحكام الواقعيّة في هذه الموارد فعليّة لم يرفع الشارع يده عنها؛ لعدم الالتفات حين الجعل إلى هذه الموارد في الموالي العرفيّة، و ما ذكرناه غير التصويب المعتزلي، فإنّ التصويب المعتزلي: عبارة عن انقلاب الحكم الواقعي و تبدُّله إلى مؤدّى الأمارة، و انعدامه بعد قيام الأمارة على خلافه، و هو لا يتحقّق إلّا بالقول بالسببيّة في جعل الأمارات، و لا نقول نحن بانقلاب الحكم الواقعي إلى مؤدّى الأمارة المخالفة، بل نقول ببقائه على ما هو عليه، لكنّه شأنيّ لا فعليّ، و لم يُرِدْه الشارع فعلًا من المكلّف لمصلحة، و هذا الذي ذكرناه من دون أن يكون هناك مصلحة قائمة بالأمارة تتدارك بها مصلحة الواقع. هذا كلّه بالنسبة إلى الأمارات.
في الجواب عن «ابن قبّة» بالنسبة إلى الاصول العملية
و أمّا الاصول المُحرِزة و الغير المُحرِزة: فتقرير دفع الإشكال فيها يقرب ممّا ذكرناه في الأمارات، فإنّه مع عدم قاعدة الفراغ و التجاوز يلزم مفسدة عظيمة لا يمكن تحمُّلها، فإنّه قلّما يتّفق لإنسان أن يخرج من صلاته أو من الوقت، و يتيقّن الإتيان بجميع ما يُعتبر في الصلاة، بل إذا لاحظنا الصلوات المأتيّ بها سابقاً في السنوات الماضية، فالغالب عدم حصول اليقين بالإتيان بتمام أجزائها و مراعاة شرائطها تامّة و عدم الإخلال بها سهواً و نسياناً و ما يُفسدها، فلو لا اعتبار قاعدة الفراغ شرعاً كان عليه أن يأتي بها- أي بكلّ ما يشكّ فيه- أداءً و قضاءً، و هذا عسر شديد و حرج عظيم لا يتحمّلهما أكثر الناس، و حينئذٍ فمع تشريع الاصول دفعاً للحرج و الضرر و الخروج عن الدين بعدم التزام المكلّفين بالأحكام الشرعيّة، مع علم الشارع بأنّها قد تخالف الواقع لا بدّ أن يرفع اليد عن الحكم الواقعي، و يغمض النظر عنه في موارد مخالفتها للواقع و عدم إرادته له فعلًا، مع الترخيص في العمل