اجتماع الوجوب و الاستحباب ... و هكذا، و هو اجتماع الضدّين في موضوع واحد؛ لتضادّ الأحكام الخمسة، و هو ناشٍ عن التعبّد بالأمارات.
و فيه: أنّ الضدّين أمران وجوديّان غير متضايفين، يتعاقبان على موضوع واحد، و لا يجتمعان، بينهما غاية الخلاف [1].
و لا ريب في أنّ الوجوب و الحرمة و غيرهما من الأحكام الشرعيّة، امور اعتباريّة منتزعة عن البعث و الزجر، اللذين يُنشئهما الحاكم بهيئة الأمر أو النهي الموضوعتين لذلك، و هذا الأمر الاعتباري له إضافة اعتباريّة إلى المأمور به، و إضافة اعتباريّة إلى الآمر، مع أنّ الضدّين أمران وجوديّان حقيقيّان، كما عرفت، و الأحكام ليست كذلك، و لا بدّ من حلولهما في موضوع واحد متعاقباً، و ليس الوجوب و الحرمة و غيرهما حالّين في المتعلّق، بل لهما نحو إضافة اعتباريّة إليه، كما عرفت.
فما قيل: من أنّ الأحكام متضادّة بأسرها [2]، غيرُ مستقيم؛ أ لا ترى أنّه قد يأمر الأب ابنه بشيء، و تنهاه الامّ عنه في زمان واحد، فيصير واجباً و محرّماً، فلو كان بين الأحكام تضادٌّ لما أمكن ذلك، كما لا يمكن اجتماع السواد و البياض في موضوع واحد و إن تعدّد موجدهما، فهذا الإشكال- أيضاً- ليس بشيء.
و إنّما المهمّ من الإشكالات المذكورة هو لزوم اجتماع الإرادتين اللّتين تعلّقت إحداهما بالحكم الواقعي، و ثانيتهما بالحكم الظاهري.
بيان ذلك: أنّه لو فُرض أنّ لصلاة الجمعة حكماً من الأحكام كالحرمة، فتتعلّق إرادة المولى بتركه، و هذه الإرادة تُنافي الترخيص في العمل بالأمارة التي قد تُؤدّي إلى وجوبها أو استحبابها أو غيرهما، و كذلك تُنافي إمضاء الشارع بناء العقلاء و طريقتهم على العمل بها و السكوت و عدم الردع عنه، و كذلك جعلها طريقاً و كاشفاً،