له، فلمّا أصرّ سَمُرة على الإضرار انصرف عنه، و التفت إلى الأنصاريّ مُخاطباً إيّاه، و أمَره بقلع العَذْقة، و علّله بأنّه
(لا ضرر و لا ضِرار)
، و من البعيد غايته علّيّة ذلك؛ لتكلّمه مع سَمُرة قبل انصرافه عنه، فإنّه خلاف قاعدة التكلّم، فالظاهر أنّه علّة لكلامه مع الأنصاريّ، و هو أمره بقلع النخلة.
و ثانياً: ما ذكره من سقوط ماليّة عَذْق سَمُرة، مصادرةٌ؛ كيف؟! و لو كان كما ذكره فكلّ واحد من المكلّفين سواء في جواز إتلافه، فإنّها على ما ذكره نظير الخمر و آلات القمار و نحوهما؛ بلا فرق بين النبيّ الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) و بين سائر الناس، فلو سقطت ماليّة عَذْقه بذلك لجاز لكلّ أحد إتلافه، و لا يلتزم به أحد، مع أنّه مناف لما ذكره: من أنّه حكم رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) حكومة شرعيّة؛ لتوقّف حكومته (صلى الله عليه و آله و سلم) في ذلك على بقاء ماليّة عذقه، و إلّا لما احتاج إلى الحكومة.
الوجه الثاني: أنّه لو سلّمنا أنّه تعليل لأمره (صلى الله عليه و آله و سلم) للأنصاريّ بقلع العَذْقة، لكنه ليس على خلاف القاعدة أيضاً لأنّ قاعدة «الناس مسلّطون على أموالهم» محكومة بقاعدة «لا ضرر»، و احترام مال الناس من شئون تسلُّطهم على أموالهم و من فروع قاعدة السلطنة، و معنى احترام ماله أنّ له السلطنة على منع الغير في التصرّف فيه، فحيث إنّ قاعدة «لا ضرر» حاكمة على قاعدة السلطنة، فهي حاكمة على متفرّعاتها أيضاً.
لا يقال: لا نُسلّم حكومتها على الأصل و متفرّعات قاعدة السلطنة، بل على نفسها خاصّة، لا على فروعاتها؛ لأنّ قاعدة السلطنة تنحلّ إلى أمرين:
أحدهما: وجوديّ، و هو تسلّطه على التصرّف في ماله كيف شاء.
و ثانيهما: عدميّ، و هو سلطنته على منع الغير عن التصرُّف فيه، و الذي هو موجب للضرر على الأنصاريّ هو الأمر الأوّل؛ أي تصرّفه في ماله كيف شاء و عدم استئذان الأنصاري منه في الدخول على عَذْقه في حائط الأنصاري، فقاعدة نفي