يُسند القضاء إلى رسول اللَّه (صلى الله عليه و آله و سلم) و أمير المؤمنين غالباً، دون غيرهم من الأئمّة (عليهم السلام) حتّى الصادقَينِ (عليهما السلام)؛ لعدم وجود المانع عن قضائهما و فصل خصومتهما، بخلاف زمن غيرهما من الأئمّة الطاهرين، و إن صدر من الصادقين أخبار كثيرة في بيان الأحكام، و لذا
قال الباقر (عليه السلام): (لو كان الأمر إلينا أجزنا ...)
و أمّا لفظة «قال» فهي محتملة للأمرين، فلا بدّ من ملاحظة القرائن الخارجيّة.
إذا عرفت ذلك نقول: لا ريب في أنّ قوله (عليه السلام):
(لا ضرر و لا ضرار)
- بناءً على نقل عبادة بن الصامت- ظاهر في أنّه من قضاء رسول اللَّه و حكمه المولوي السلطنتي، لا أنّه من الأحكام الصادرة من اللَّه تعالى و حكمه (صلى الله عليه و آله و سلم) به من حيث إنّه نبيّ؛ للتعبير فيه بأنّه (صلى الله عليه و آله و سلم)
(قضى أن لا ضرر و لا ضرار)
الظاهر فيما ذكرناه.
و بالجملة: بعد ما عرفت من عدم إرادة النفي من ذلك، و أنّه نهيٌ، فهو ظاهرٌ في النهي المولوي و الحكم السلطنتي من النبيّ، لا الإرشادي، كما ربما يظهر من المحقّق شيخ الشريعة (قدس سره) [2]، و إن احتمل إرادته ما ذكرناه أيضاً.
و أمّا بناءً على نقل الخاصّة و طرقهم فقد عرفت عدم ثبوت تذييل قضيّة الشفعة بذلك، و كذلك في قضيّة هدم الجدار؛ لأنّ الخبر المذكور منقولٌ في «دعائم الإسلام» الذي لم يثبت اعتباره.
فيبقى قضيّة سَمُرَة بنِ جُنْدَب، و تقدّم أنّها منقولة بطرق مختلفة: بعضها موثّق، و بعضها فيه إرسال، و بعضها ضعيف، كرواية أبي عبيدة الحذّاء، مع أنّه لم يتمسّك فيها بقضيّة
(لا ضرر)
، و هي أيضاً مختلفة في المضمون و المتن في بعض خصوصيّات
[1]- تهذيب الأحكام 6: 273/ 746، وسائل الشيعة 18: 195، كتاب القضاء، أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى، الباب 14، الحديث 12.
[2]- قاعدة لا ضرر، شيخ الشريعة الأصفهاني: 18 و 24- 27.