يكن بدٌّ و مفرٌّ من القول بالمجازية؛ لئلّا يلزم الكذب، و لكنّه ليس إخباراً، و كذلك حديث الرفع، بل إنشاء و إيقاع لنفي الأحكام الضرريّة؛ لما مرّ من أنّ الأحكام بشراشرها بيد الشارع، و تحت الجعل إثباتاً و نفياً، فهو إعدامٌ للأحكام الضرريّة، فلا يلزم ارتكاب التجوُّز.
ثمّ ذكر: أنّ الجملة الخبريّة و الإنشائيّة من المداليل السياقيّة، لا المداليل اللفظيّة الموضوع بإزائها لفظ، بل يستفاد من سياق الكلام كون «بِعت» إنشاءً، فجملة «لا ضرر و لا ضِرار» كذلك، فلا بدّ من ملاحظة أنّه يستفاد من سياقها الإخبار أو الإنشاء، و لا ريب أنّه يُستفاد منه إنشاء نفي الأحكام المستلزمة للضرر، و نهي المكلّفين عن إضرار بعضهم بعضاً.
ثمّ قال: إنّ المتيقّن الموافق للتحقيق هو ما ذكره الشيخ (رحمه اللَّه): من أنّه نفي للحكم لا نهي، و هو لا يستلزم المجازيّة أيضاً؛ لأنّ الضرر من العناوين الثانويّة، و هي على ثلاثة أقسام:
الأوّل: أن يكون العنوان الأوّل للثاني من قبيل المعدّات.
الثاني: أن يكون العنوان الأوّل سبباً للثاني و لكنّهما موجودان بوجودين.
الثالث: أن يكونا كذلك مع كونهما موجودين بوجود واحد.
فعلى الأوّل: مع كون العنوان الأوّل و العنوان الثاني موجودين بوجودين، فإطلاق العنوان الثاني و إرادة الأوّل مجاز، و كذلك على الثاني.
و أمّا على الثالث فالعنوانان موجودان بوجود واحد كالضرب و الإيلام، فاستعمال أحدهما في الآخر لا يوجب المجازيّة، بل هو استعمال شائع.
و توهّم: أنّ الموجب للضرر ليس هو الحكم، بل الموجب له هو الموضوع، و الحكم من قبيل المُعدّات.
مدفوعٌ: بأنّ الحكم على قسمين: أحدهما من قبيل لزوم البيع و نحوه،