و حيث إنّ الحكيم تعالى لم يشرّع حكماً ضرريّاً، و نهى عن إضرار المسلمين بعضهم بعضاً، صحّ منه أن يقول بنحو الإخبار:
(لا ضرر و لا ضرار)
حقيقةً، و لا تلزم المجازيّة أيضاً.
الخامس: أنّ أحكام الشارع كثيرة يستلزم إطلاق بعضها الضرر، و أمّا الأحكام التي هي ضرر ذاتاً فقليلة، فحيث إنّها قليلة بالنسبة إلى ما لا يلزم منها الضرر، فهي كالعدم، صحّ أن يقال:
(لا ضرر و لا ضِرار)
. السادس: ما أفاده المحقّق العراقي [1]، و هو بعينه ما ذكره شيخنا الحائري (قدس سره).
السابع: ما ذكره الميرزا النائيني (قدس سره)، فإنّه بعد نقل ما اختاره الشيخ الأعظم (قدس سره) مع وجوهٍ اخر، و أطال الكلام بتمهيد مقدّمات، لا يهمّنا التعرّض لما لا ارتباط لها بالمقام، قال ما ملخّصه: إنّ الأحكام الشرعيّة بشراشر حقائقها مجعولة، و جعلها التشريعي هو عين وجودها التكويني، فبجعلها تتحقّق، و كذلك في جانب النفي، فإنّ النفي المتعلّق بالحكم نفيٌ بسيط متعلّق بشراشر وجوده، و نفي حقيقته عن صفحة الكون هو عين نفيه التشريعي.
ثمّ ذكر بعد مقدّمات اخرى غير مرتبطة بما نحن فيه: أنّه قد ذكرنا في حديث الرفع: أنّ الرفع فيه مستعمل في معناه الحقيقي؛ سواء كان متعلّقه ممّا رفعُهُ بيد الشارع، مثل «ما لا يعلمون»، أم لا مثل رفع النسيان، فإنّ الرفع فيهما مستعمل في معناه الحقيقي، غاية الأمر أنّه إن لوحظ بالنسبة إلى الأحكام فهو حاكم عليها و مخصِّص لها، و إن لوحظ بالنسبة إلى المكلّفين فهو إنشاءٌ للنهي عن إضرار بعضهم بعضاً، و هو لا يُنافي استعماله في معناه الحقيقي. نعم لو كان نفي الضرر إخباراً لم