مع هذا الاحتمال، فهذا الوجه لبيان عدم جريان البراءة العقليّة قبل الفحص صحيح لا غبار عليه.
نعم هنا وجهٌ آخر لوجوب الفحص لا يخلو عن الإشكال: و هو أنّ الإقدام في المشتبه مع ترك الفحص فيما هو مظنّة التكليف مع عدم العلم بأمر المولى و نهيه عادةً إلّا به ظلم على المولى، و خروج عن رسم العبوديّة و زيّ الرقّية، فيترتّب عليه العقاب بعنوان أنّه ظلم على المولى، لا على الواقع، فالعقاب على الواقع و إن كان قبيحاً قبل الفحص، لكنّه ليس قبيحاً على نفس ترك الفحص كالتجرّي [1].
و فيه: على فرض تسليم عدم العقاب على مخالفة الواقع، لا وجه للعقاب على ترك الفحص، فإنّ العقاب عليه إنّما هو لأجل احتمال التكليف الواقعي، لا على نفسه استقلالًا بدون الارتباط بالواقع.
و الحاصل: أنّه لا وجه للعقاب على ترك الفحص مع فرض عدمه بالنسبة إلى الحكم الواقعي.
و الفرق بينه و بين التجرّي: هو أنّ نفس التجرّي على المولى ظلم و قبيح؛ لقيام الحجّة المعتبرة و لو مع مخالفتها للواقع، بخلاف ترك الفحص.
الوجه الثالث لبيان وجوب الفحص و عدم جريان البراءة العقليّة قبله: هو إنّ العلم الإجمالي- لكلّ واحد من آحاد المكلّفين- بوجود أحكام في الشريعة من الواجبات و المحرّمات، يقتضي وجوب الفحص عنها و عدم جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان قبله، نعم بعد الفحص بالمقدار اللّازم و عدم الظفر بالحكم لا مانع من جريانها [2].
و فيه: أنّ هذا خروج عن محلّ البحث؛ لأنّ الكلام هنا في شرائط البراءة بعد