الفراغ عن تحقّق الشكّ في أصل التكليف، كما هو مجرى البراءة، و إلّا فمع اقتران الشبهة بالعلم الإجمالي بالتكليف، فهو شكٌّ في المكلّف به الذي هو مجرى الاحتياط، لا البراءة التي يبحث فيه عن شرائطها، فليس الفرض الذي ذكره موضوعَ البراءة؛ أي الشكّ البدويّ في التكليف.
و اورد على هذا الوجه أيضاً:
تارةً: بأنّه أخصّ من المدّعى؛ لأنّ محلّ البحث هو مطلق الشبهات، و هذا الوجه إنّما يقتضي وجوب الفحص في خصوص المقرونة بالعلم الإجمالي [1].
و اخرى: بأنّه أعمّ من المدّعى بوجهٍ آخر؛ لأنّ المدّعى هو وجوب الفحص فيما بأيدينا من كتب الأخبار و الأحكام، و العلم الإجمالي لا يختصّ بذلك، بل دائرته أوسع و أطرافه أعمّ ممّا في هذه الكتب و التي لم تصل إلينا من الجوامع الأوّليّة [2].
و أجاب الميرزا النائيني (قدس سره) عن الأوّل: بأنّ استعلام مقدار من الكتب التي يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيها و الفحص فيها، لا يوجب انحلال العلم الإجمالي؛ إذ متعلّق العلم: تارةً يتردّد من أوّل الأمر بين الأقلّ و الأكثر، كما لو علم بأنّ في هذه القطيع من الغنم موطوءة مردّدة بين عشرة و عشرين.
و اخرى: يكون المتعلّق عنواناً ليس بنفسه مردّداً بين الأقلّ و الأكثر من أوّل الأمر، بل المعلوم هو العنوان بما له في الواقع من الأفراد، كما لو علم بموطوئيّة البِيض من هذا القطيع، و تردّدت بين العشرة و العشرين.
ففي الأوّل: ينحلّ العلم الإجمالي بالعلم التفصيلي بمقدار يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال فيه، كما لو علم تفصيلًا بموطوئيّة هذه العشرة من القطيع.
و في الثاني: لا ينحلّ بذلك، بل لا بدّ من الفحص التامّ عن كلّ ما يحتمل