لما سيأتي- إن شاء اللَّه تعالى- من أنّ الحكومة تفتقر إلى اللسان، و أنّه لا بدّ فيها من أن يكون الدليل الحاكم ناظراً إلى الدليل المحكوم، و شارحاً و مفسّراً له، و متصرّفاً في موضوعه بالتوسعة أو التضييق، أو في محموله، أو في بعض الامور المتقدّمة أو المتأخّرة عنه، كالتصرّف في علّته، و خبر
(لا تعاد)
و إن كان كذلك بالنسبة إلى أدلّة الأجزاء و الشرائط، و لكنّه ليس كذلك بالنسبة إلى حديث
(من زاد في صلاته)
، فإنّهما نظير «أكرم العلماء، و لا تكرم الفسّاق»؛ في أنّهما في عرضٍ واحد و في رتبة واحدة بالإثبات و النفي، فكأنّه (عليه السلام) قال: «أعِد الصلاة بالزيادة السهويّة»: «لا تُعدها بها في مورد الاجتماع».
و لكن يشتمل خبر
(لا تعاد)
على جهات يمكن أن يقال بتقديمه أو حكومته على حديث
(من زاد)
لأجلها؛ من حيث التعليل المذكور في ذيلها، و هو
(أنّ السُّنّة لا تنقض الفريضة)
، و من حيث استثناء الخمسة، فإنّهما يوجبان قوّة ظهوره، فيقدّم على خبر
(من زاد)
، بل يمكن أن يقال: إنّ خبر
(من زاد)
ليس إلّا مجرّد الحكم بالإعادة، و أمّا خبر
(لا تعاد)
فهو مشتمل على علّة الحكم، ففيه تصرّف في سلسلة العلل، و أنّ علّة الإعادة غير متحقّقة في غير الخمسة، و حينئذٍ فلا يبعد أن يقال بتقدّم خبر
(لا تعاد)
عليه بملاحظة هذه الجهات، كما لا يبعد أن يقال: إنّه المتبادر عند العرف و العقلاء إذا عُرض الخبران عليهم، و سيأتي أنّ ملاك التعارض هو التنافي بين مدلولي الدليلين عند العرف و العقلاء.
هذا، و لكن يشكل الحكم بتقديم خبر
(لا تعاد)
؛ لاستلزامه التخصيص الأكثر- المستهجن- في خبر
(من زاد)
، و عدم بقاء مورد له إلّا الركوع و السجود سهواً، و أمّا العمد فهو قليلٌ جدّاً، فلا بدّ أن يلتزم بتقدير لفظة ركعة إلى من زاد في صلواته ركعةً في خبر