لأنّ التقسيم إنّما يصحّ في شيء قابل للتقييد، و بتقييده بقيد يحصل له قسم، و بقيد آخر قسم آخر، و الحكومة ليست كذلك، فإنّها دائماً- عبارةً عن كون أحد الدليلين ناظراً بمدلوله اللفظي إلى دليل آخر و مفسِّراً له، يوجب التوسعة أو التضييق في الآخر، و ليس لها إلّا قسم واحد. نعم، قد يتحقّق الحكومة في الأحكام الظاهريّة، كحكومة الأمارات بعضها على بعض، مثل
(الطواف بالبيت صلاة)
[1]، و هذا لا يوجب انقسامها إلى قسمين، و إلّا كثرت الأقسام، فإنّها إمّا في باب الطهارات، و إمّا في باب الصلاة، أو الحجّ ... إلى غير ذلك.
مضافاً إلى أنّ الحكم المتعلِّق بالمقطوع الخمريّة حكم واقعيّ، فعلى ما ذكره (قدس سره) لا بدّ أن يُعدّ قيام الأمارات مقامه حكومة واقعيّة لا ظاهريّة. هذا كلّه في الأمارات.
في قيام الاصول مقام القطع
و أمّا الاصول المُحرِزة: كالاستصحاب و قاعدة اليد و قاعدة الفراغ و أصالة الصحّة في فعل الغير، فليس في أدلّتها تنزيلُها منزلة القطع، و قيامُها مقامه بالمعنى الذي قدّمناه في الأمارات.
أمّا الاستصحاب: فلأنّ الدليل عليه قوله (عليه السلام):
(لا تنقض اليقين أبداً بالشكّ)
[2] و ما يقرب منه، و ليس فيه تنزيل الشكّ منزلة اليقين و الأمر به، و لا الحكم بإبقاء نفس اليقين في ظرف الشكّ تعبُّداً و جعل الشكّ بمنزلة اليقين، بل مفاده التعبُّد بالجري العملي على طبقه.