بحسب إطلاقه شامل لجميع حالات المكلَّفين، كما عرفت ذلك في الأمر الأوّل، و بعد ملاحظة حديث الرفع و إسناده إلى النسيان، يكشف ذلك عن عدم تعلّق الإرادة الجدّيّة بالجزء المنسيّ حال النسيان؛ حيث إنّ المولى كان عالماً بذلك، و لم نعلم به؛ و لخفاء ذلك علينا حكمنا بالإطلاق و الشمول لحال النسيان أيضاً، لكن بعد الاطّلاع على حديث الرفع، كشفنا به عن عدم تعلّق الإرادة الجدّيّة في مقام جعل القانون و الحكم الكلّي، الذي هو المصحّح لإسناد الرفع إليه، و إلّا فليس في الواقع حكم حتّى يسند الرفع إليه، بل هو كالتخصّص، و ليس المراد رفع الحكم الثابت الذي تعلّقت به الإرادة الجدّية أيضاً؛ كي يستشكل عليه: بأنّ مرجعه إلى النسخ المستحيل، كما أورده الميرزا النائيني (قدس سره) في المقام على البراءة الشرعيّة [1]؛ و ذلك لأنّه كما لا يلزم من دليل نفي الحرج و نحوه النسخ المستحيل، فكذلك لا يلزم من حديث الرفع ذلك.
و بذلك يظهر اندفاع جميع الإشكالات التي أوردها المحقّق العراقي (قدس سره):
و منها: أنّه لا بدّ أن يتعلّق الرفع بما تعلّق به الجعل، و متعلّق الجعل هو طبيعة الجزء و الشرط و المانع، و النسيان لا يتعلّق بالطبيعة، بل بالوجود و الفرد الخارجي منها، و لا أثر لوجودها الخارجي- حتّى يسند الرفع إليه بلحاظه- إلّا الصحّة، و إسناد الرفع إلى الجزء المنسيّ بلحاظ أثر الصحّة يُنتج ما هو خلاف المقصود؛ حيث إنّ المقصود تصحيح الصلاة بحديث الرفع، لا رفع صحّتها [2]. انتهى.
و فيه: أوّلًا: أنّ النسيان أيضاً متعلّق بالطبيعة، فإنّ الناسي يذهل عن طبيعة الجزء و الشرط، فيترك ما هو مصداقها الخارجي، كما أنّ متعلّق الجعل أيضاً هي الطبيعة، فمتعلّقهما واحد.