الكلّيّة، مثل قوله: «لا تُصلِّ في وبر ما لا يؤكل لحمه» [1]- مثلًا- و هي حجّة بالنسبة إلى الأفراد الواقعيّة و مصاديقها النفس الأمريّة، و ليس بيان الأفراد- أي أنّ هذا فرد له، و ذاك ليس بفرد- من وظيفته، و حينئذٍ فلا بدّ من تحصيل العلم بالامتثال؛ و وقوع الصلاة في غير وبر ما لا يؤكل في المثال، و لا يحصل إلّا بالاحتياط و امتثال التكليف بالنسبة إلى الفرد المشكوك [2].
أقول: المناط في الاشتغال في المقام- كما أشرنا إليه- هو تعلّق التكليف بعنوان معلوم قد قامت الحجّة التامّة عليه مع الشكّ في الامتثال و الخروج عن عهدة هذا التكليف المعلوم، كما أنّ المناط في جريان البراءة عدم قيام الحجّة التامّة على المشكوك، و هذا ممّا لا إشكال و لا شبهة فيه لأحد، و إنّما الإشكال و الاشتباه في تشخيص الموارد و صُغريات القاعدتين.
و الحقّ في المقام: التفصيل بين الأقسام المذكورة: أمّا لو تعلّق الأمر النفسي بالطبيعة المطلقة، أو بصِرف الوجود من الطبيعة، أو بنحو العموم المجموعي، فمقتضى القاعدة فيه هو الاشتغال عند الشكّ في تحقّق المأمور به؛ و دوران الأمر بين الأقلّ و الأكثر، فلا بدّ من امتثال التكليف بالنسبة إلى المشكوك- يعني الأكثر- لأنّ المفروض قيام الحجّة التامّة عليه، و إنّما الشكّ في مقام الامتثال و الخروج عن العهدة، و القاعدة في مثله هي الاشتغال و تحصيل العلم بفراغ الذمّة من التكليف.
بخلاف ما لو تعلّق الأمر النفسي بشيء بنحو العموم الاستغراقي، مثل «أكرم كلّ عالم»؛ لأنّ المفروض أنّ الأمر لم يتعلّق بعنوان معلوم مبيَّن يشكّ في مصداقه
[1]- ليس في كتب الحديث رواية بهذا النص حسب ما تيسّر لنا البحث عنها، نعم توجد بهذا المضمون أحاديث متعددة من قبيل المنقولة في الكافي 3: 397- 398، و علل الشرائع: 342 باب 43، وسائل الشيعة 3: 250- 252، كتاب الصلاة، أبواب لباس المصلّي، الباب 2.