بإكرام طبيعة العالم أو النهي عن إكرام طبيعة الفاسق.
و إمّا أن يتعلّقا بصِرف الوجود الغير القابل للتكثُّر، و إمّا أن يتعلّقا بالطبيعة السارية؛ أي العموم الاستغراقي المنحلّ إلى أوامر و نواهٍ متعدّدة عرفاً، مثل «أكرم كلّ عالم» أو «لا تكرم كلّ فاسق»، فإنّهما ينحلّان عرفاً إلى الأمر بإكرام هذا و ذاك، و كذلك النهي، فإكرام كلّ واحد واجب مستقلّ عن الآخر، و يتحقّق الامتثال في البعض دون البعض لو أكرم بعضهم.
و قد يتعلّقان بالعموم المجموعي، مثل «أكرم مجموع العلماء»، و هو تكليف واحد متعلّق بمجموعهم، و لا ينحلّ إلى تكاليف متعدّدة، و امتثاله إنّما هو بإكرام جميعهم، فلو أخلّ بواحدٍ منهم لما امتثل أصلًا و إن أكرم الباقين.
و على كلّ تقدير: إمّا أن يكون الأمر و النهي نفسيّان، و إمّا غيريّان، كما في الأوامر المتعلّقة بالأجزاء و الشرائط، و النواهي المتعلّقة بالموانع و القواطع.
فهل القاعدة: هو الاشتغال في جميع هذه الأقسام، أو البراءة كذلك، أو التفصيل بين الأقسام؟
ذهب بعضهم إلى البراءة في الجميع؛ لأنّ الأفراد المعلومة الفرديّة معلومةُ الحكم، و الأفراد المشكوكة الفرديّةِ مشكوكةُ الحكم، و أصالة البراءة فيها محكّمة؛ سواء كان الحكم فيها نفسيّاً أم غيريّاً، و بنحو العموم الاستغراقي أو المجموعي، فالإكرام الواجب- مثلًا- مردّد بين الأقلّ- أي الأفراد المعلومة الفرديّة- و الأكثر؛ أي مع الأفراد المشكوكة، فيجب إكرام المعلومة، و تجري أصالة البراءة في المشكوكة. هذا ما ذهب إليه الميرزا النائيني (قدس سره) [1].
و ذهب بعض آخر إلى الاشتغال في جميع تلك الأقسام؛ و ذلك لأنّ البيان الذي هو من وظيفة الشارع و المولى قد صدر منه على الفرض لا قصور فيه؛ أي الكبرى